عند فلان القاضي ثم عزل أو أنه سلم عند غير القاضي جاز ذلك عليه بمنزلة الرجوع عن الشهادة في قول أبي حنيفة ومحمد لأن هذا يجعل بمنزلة ابتداء التسليم منه فإن كان من أقر بشيء يملك إنشاءه يجعل كالمنشئ لذلك ومراده من ذكر قول محمد مسألة الرجوع لا مسألة تسليم الشفعة فقد بينا أن عند محمد تسليم الوكيل باطل وإذا شهد ابنا الوكيل أو ابنا الموكل أن الوكيل قد سلم الشفعة أجزت شهادتهما لأنهما يشهدان على أبيهما ولا يجوز شهادته ابنى الموكل على الوكالة ولا شهادة ابني الوكيل لأن ابني الوكيل يثبتان صدق أبيهما في دعوى الوكالة ويثبتان له حق الأخذ بالشفعة وابني الموكل ينصبان نائبا عن أبيهما ليأخذ الدار بالشفعة وليس للوكيل بطلب شفعة في دار أن يخاصم في غيرها لأن الوكالة تنفذ بالتقييد وقد بينا قيد الوكالة بالدار التي عينها وهو يثبت الوكيل فيه مناب نفسه وقد يرضى الإنسان بكون الغير نائبا عنه في بعض الخصومات دون البعض ولو وكله بالخصومة في كل شفعة تكون له كان ذلك جائزا لأنه عمم التوكيل والوكالة تقبل التعميم وله أن يخاصم في كل شفعة تحدث له كما يخاصم في كل شفعة واجبة له لعموم الوكالة بمنزلة التوكيل بقبض غلاته ولا يخاصم بدين ولا حق سوى الشفعة لتقييد الوكالة بالشفعة إلا في تثبيت الوكيل الحق الذي يطلب به الشفعة لأنه لا يتوكل إلى الخصومة بالشفعة إلا بذلك فتتعدى الوكالة إليه ضرورة وإذا وكل رجل رجلا يأخذ له دارا بالشفعة ولم يعلم الثمن فأخذها الوكيل بثمن كثير لا يتغابن الناس فيه بقضاء قاض أو بغير قضاء قاض فهو للموكل أما إعلام الثمن ليس بشرط في صحة التوكيل بالشراء مع أن ذلك لا بد منه في الشراء فلأن لا يشترط ذلك في التوكيل بالأخذ بالشفعة وهو ليس بشرط في الأخذ بالشفعة أولى ثم الشفيع إنما يأخذ بالثمن الذي يملك المشتري الدار به فالتوكيل بالأخذ بمنزلة التنصيص على ذلك والوكيل ممتثل سواء كان بقضاء أو بغير قضاء قل الثمن أو كثر يوضحه أن الوكيل بالشراء إذا اشترى بأكثر من قيمته إنما لا ينفذ شراؤه على الموكل لتمكن التهمة فمن الجائز أنه اشترى لنفسه فلما علم بغلاء الثمن أراد أن يلزم الأمر وهذا المعنى لا يوجد في حق الوكيل بالأخذ بالشفعة لأنه لا يملك أن يأخذها لنفسه وإذا وكل رجل غير الشفيع أن يأخذ الدار له بالشفعة فأظهر الشفيع ذلك فليس له أن يأخذها لنفسه وإذا وكل رجل غير الشفيع طلبه لغيره تسليم منه للشفعة كإنما يطلب البيع من الموكل ولو طلب البيع لنفسه كان به مسلما لشفعته فإذا طلبها لغيره أولى ولما كان إظهاره بذلك بمنزلة التسليم للشفعة