والشاة في حق المسلمين فإن كان شفيعها نصراني أخذها بمثل الخمر المشترى بها أو بقيمة الخنزير لأن الخمر من ذوات الأمثال فيأخذها الشفيع بمثل ما يملك به المشتري صورة ومعنى وفي الخنزير يأخذها بقيمته ولو كان الشفيع مسلما أخذها بقيمة الخمر والخنزير لأن المسلم عاجز عن تمليك الخمر قصدا فعليه قيمتها وهو معتبر بالاستهلاك فإن خمر النصراني عند الاستهلاك مضمون على النصراني بالمثل وعلى المسلم بالقيمة فكذلك في حق الشفيع وطريق معرفة القيمة والرجوع فيها إلى من أسلم من أهل الذمة أو من تاب من فسقة المسلمين فإن وقع الاختلاف في ذلك فالقول قول المشتري بمنزلة ما إذا اختلف الشفيع والمشتري في مقدار الثمن وإذا اشترى أرضا شراءا فاسدا فزرعها وغرس فيها الشجر فنقضها ذلك ثم جاء الشفيع والبائع فللشفيع أن يأخذها بقيمتها في قياس قول أبي حنيفة لأن الغرس كالبناء فكما لا ينقض بناء المشتري لحق البائع عنده فكذلك لا تقلع أشجاره وإذا انقطع حق البائع في الاسترداد وجب للشفيع فيها الشفعة بقيمتها إلا أنه يطرح عنه من ذلك بقدر ما نقض الأرض من عمل المشتري لأنه في معنى المتلف لجزء منها وقد بينا أن لما يتلفه المشتري حصة من الثمن في حق الشفيع يطرح عنه بقدره كالبناء إذا أحرقه وعند أبي يوسف ومحمد يقلع الشجر كما يهدم البناء ويرد على البائع ولا شفعة فيها وكذلك أن اتخذها مسجدا ثم خاصمه البائع فيها فله القيمة في قياس قول أبي حنيفة لأن تصرف المشتري بتسليط البائع فلا ينقض لحقه وعندهما يرد على البائع كما لو بنى فيها المشتري بناء آخر وذكر هلال في كتاب الوقف أن حق البائع في القيمة عندهم جميعا لأن المسجد يتحرر عن حق العباد ويصير خالصا لله تعالى فهو نظير العتق في العبد الذي اشتراه شراءا فاسدا ثم هذا تصرف من المشتري في عين ما يملكه بالعقد الفاسد ولو تصرف فيه بنقل الملك إلى غيره لم ينقض تصرفه لحق البائع في الاسترداد فإذا تصرف فيه بإبطال الملك أولى فإن باع نصفها بيعا صحيحا يرد النصف الثاني على البائع اعتبارا للبعض بالكل ويأخذ الشفيع النصف الآخر بالثمن الآخر هكذا قال والصحيح أنه يتخير بين أن يأخذ النصف بنصف القيمة بحكم البيع الأول لما انقطع حق البائع في الاسترداد فيه وبين أن يأخذه بالبيع الثاني بالثمن المسمى اعتبارا للبعض بالكل وإذا أخذه بالثمن الآخر يصدق المشتري بفضل نصف الثمن على نصف القيمة فإنه إنما يغرم للبائع نصف القيمة فالفضل حصل له بكسب خبيث فيؤمر بالتصدق به والله أعلم