يطلبوا الشفعة وإن سلموا الشفعة جازت شهادتهم عليها لأن في إثبات البيع عليها إثبات حقهم ما لم يسلموا الشفعة وكانوا خصما في ذلك والخصم في الحادثة لا يكون شاهدا فيها وإذا اشترى دارا والقاضي شفيعها أو ابنه أو أبوه أو زوجته فإن قضاءه لا يجوز لأحد من هؤلاء لأن ولاية القضاء فوق ولاية الشهادة فإذا لم تجز شهادته لنفسه أو لأحد من هؤلاء فكذلك قضاؤه وإذا قضي القاضي للشفيع بالشفعة فسأله المشتري أن يردها عليه على أن يزيده في الثمن كذا ففعل ذلك فردها عليه فإن ذلك رد لا يكون له الزيادة لأن هذا بمنزلة الإقالة ومن أصل أبي حنيفة أن الإقالة فسخ بالثمن الأول وما سمى فيها من زيادة أو جنس آخر من الثمن فهو باطل لأن الإقالة لا تتعلق بالجائز من الشروط وهو تسمية الثمن فالفاسد من الشرط في الثمن لا يبطله وعلى قول محمد الإقالة فسخ إذا كان بالثمن الأول أو أقل منه فإن كان بأكثر من الثمن الأول أو بجنس آخر سوى الثمن الأول فهو بيع مبتدأ إذا أمكن وإذا تعذر الإمكان كان فسخا بالثمن الأول ولا إمكان ها هنا بجعل الإقالة بيعا مبتدأ مع تسميتها زيادة في الثمن لأن الشفيع لم يقبض الدار بعد ومن أصل محمد أن بيع المبيع قبل القبض لا يجوز من البائع ولا من غيره العقار والمنقول في ذلك سواء وكذلك في قول أبي يوسف الأول فأما على قول الآخر بيع العقار قبل القبض جائز ومن أصله أن الإقالة بمنزلة البيع المبتدأ إذا أمكن وهنا يمكن جعله بيعا مبتدأ وإن لم يكن قبض فلهذا كان له الزيادة عند أبي يوسف والذي يقول في الكتاب إذا كان قد قبض قبل المناقضة بناء على قوله الأول فأما على قوله الآخر لا يعتبر بهذا الشرط وكذلك لو طلب إليه المشتري أن يسلمه للبائع على أن يرد عليه من الثمن شيئا مسمى لأنه إقالة وقد بينا أن إقالة الشفيع كما تجوز مع المشتري تجوز مع البائع لأنه قام مقام المشتري بعد ما قضى القاضي له بالشفعة والله تعالى أعلم بالصواب .
$ باب الشهادة في الشفعة $ قال رحمه الله ولا تجوز شهادة الشفيعين بالبيع على البائع الجاحد إن طلبا الشفعة لأنهما يشهدان لأنفسهما فبثبوت البيع ثبت حقهما في الشفعة وإن سلماها جازت شهادتهما للمشتري لانتفاء التهمة عن شهادتهما بعد تسليم الشفيع فإنهما يثبتان سبب الملك للمشتري ولا شفعة لهما في ذلك بعد ما سلما الشفعة وإن جحد المشتري الشراء والدعاه البائع لم تجز شهادتهما أيضا