المسجد يكون لله تعالى خالصا ألا ترى أنه لو جعل جزأ شائعا من داره مسجدا أو جعل وسط داره مسجدا لم يجز ذلك لأنه لم يصر خالصا لله تعالى فكذلك ما فيه حق الشفعة إذا جعله مسجدا وهذا لأنه في معنى مسجد الضرار لأنه قصد الإضرار بالشفيع من حيث إبطال حقه فإذا لم يصح ذلك كان للشفيع أن يأخذ الدار بالشفعة ويرفع المشتري بناءه المحدث ولو اشترى دارا فهدم بناءها ثم بنى فأعظم المنفعة فإن الشفيع يأخذها بالشفعة ويقسم الثمن على قيمة الأرض والبناء الذي كان فيها يوم اشترى وتسقط حصة البناء لأن المشتري هو الذي هدم البناء وينقض المشتري بناءه المحدث عندنا وروى أصحاب الإملاء عن أبي يوسف أن الشفيع لا ينقض بناء المشتري ولكنه يأخذ بالثمن وقيمة البناء مبنيا إن شاء وهو قول الشافعي وجه قولهما أن المشتري بنى في ملك صحيح له فلا ينقض بناؤه لحق الغير كالموهوب له إذا بنى في الأرض الموهوبة وتأثير هذا الكلام أنه محق في أصل البناء فيستحق قرار البناء إذ ليس في إبقاء بنائه إبطال حق الشفيع فإنه يتمكن من أخذه مبنيا بالشفعة ولو نقضنا بناءه تضرر المشتري بإبطال ملكه ولو لم ينقض لا يتضرر الشفيع بإبطال حقه وإن لزم الشفيع زيادة ثمن قيمة فبمقابلته يدخل في ملكه ما يعد له والضرر ببدل أهون من الضرر الذي يلحقه بغير بدل فكان مراعاة جانب المشتري أولى ألا ترى أنه لو زرع الأرض لم يكن للشفيع أن يقلع زرعه لهذا والبناء تبع للأرض بمنزلة الصبغ في الثوب ومن صبغ ثوب إنسان فأراد صاحب الثوب أن يأخذ ثوبه كان عليه أن يعطي الصباغ ما زاد الصبغ فيه وهذا بخلاف سائر تصرفات المشتري لأن في إبقائها إبطال حق الشفيع فلذلك يمكن من نقضها وحجتنا في ذلك أنه بنى في بقعة غيره أحق بها منه من غير تسليط من له الحق فينتقض عليه بناؤه كالراهن إذا بنى في المرهون وبيان الوصف أن حق الشفيع في هذه البقعة حق قوي متأكد وهو متقدم على حق المشتري وتصرف المشتري فيما يرجع إلى الإضرار بالشفيع يكون باطلا لمراعات حق الشفيع ويجعل ذلك لتصرفه في غير ملكه ألا ترى أن تصرفه بالبيع والهبة ينقض هذا المعنى فكذلك بناؤه وفي البناء هو مضر بالشفيع من حيث إنه يلزمه زيادة في الثمن لم يرض هو بالتزامها وهو مبطل للحق الثابت له يعني حق الأخذ بأصل الثمن فلا ينفذ ذلك منه كما لا ينفذ سائر التصرفات وهذا بخلاف المشتري شراء فاسدا إذا بنى لأنه بنى هناك بتسليط من له الحق ثم حق البائع في الاسترداد ضعيف لا يبقى بعد البناء ألا ترى أنه لا