وليس للشفيع أن يأخذ البعض دون البعض لما في الأخذ من تفريق الصفقة والإضرار بالمشتري في تبعيض الملك عليه والشفيع بالأخذ يدفع الضرر عن نفسه فلا يتمكن من الأخذ على وجه يكون فيه إلحاق الضرر بغيره ثم حق كل واحد من الشفيعين ثابت في جميع المبيع لتكامل العلة في حق كل واحد منهما إلا أنهما إذا طلبا قضى القاضي لكل واحد منهما بالنصف للمزاحمة ونفى الضيق في المحل فإذا سلم أحدهما قبل القضاء بقي حق الآخر في الكل كما لو قتل رجلين عمدا فعفا عنه ولى أحدهما كان للآخر أن يقتص منه لهذا المعنى .
وإذا كان البائع اثنين في صفقة واحدة والمشتري واحدا لم يكن للشفيع أن يأخذ بعضها دون بعض وإن كان البائع واحدا والمشتري اثنين فله أن يأخذ حصة أحدهما دون الآخر لأنه يأخذ ملك المشتري بالشفعة فإن كان المشتري واحدا لو تمكن من أخذ البعض تضرر به المشتري من حيث أنه يتبعض عليه الملك وإذا كان المشتري اثنين فإنما ملك كل واحد منهما النصف وليس في أخذ الشفيع نصيب أحدهما إضرارا بالآخر يوضحه إن أخذه لدفع ضرر الجار الحادث وبأخذ البعض عند اتحاد المشتري لا يندفع ضرر مجاورته فعرفنا أنه لم يقصد إلا الإضرار به .
وإن كان المشتري اثنين فقد يكون أحدهما ممن ينتفع بجواره والآخر ممن يتضرر بجواره فهو يقصد دفع ضرر جار السوء بأخذ نصيب أحدهما وروى الحسن عن أبي حنيفة قال إذا كان البائع اثنين فأراد الشفيع الأخذ قبل قبض المشتري فله أن يأخذ نصيب أحد البائعين لأنه بالأخذ يتملك على البائع ولهذا كانت عهدته على البائع والملك في حق البائعين متفرق وبعد القبض إنما يتملك على المشتري والملك في حقه مجتمع وإن كان البائع واحدا والمشتري اثنين فقبل القبض ليس له أن يأخذ نصيب أحد المشتريين لاجتماع الملك في حق البائع وبعد القبض له ذلك ولكن هذا قوله الأول فأما قوله الآخر كما ذكر في الكتاب فإن المعتبر جانب المشتري قبل القبض وبعد القبض ويستوى إن كان اشتراه لنفسه أو لغيره فسره هشام عن محمد إن الواحد إذا اشترى دار الرجلين فليس للشفيع أن يأخذ نصيب أحد الأمرين ولو اشترى رجلان لواحد كان للشفيع أن يأخذ بالشفعة النصف لأن المشتري اثنان والعاقد لغيره في باب الشراء بمنزلة العاقد لنفسه في أحكام العقد وإن كان البائع اثنين والمشتري واحدا فطلب نصيب أحدالبائعين لم تبطل بذلك شفعته وله أن يأخذها كله مقسومة كانت أو غير مقسومة لأنه ما أعرض عن الطلب ولكنه أظهر الطلب والرغبة ثم اشتغل بتقسيم لم