على أن البينة بينة المولى القديم ولم يذكر فيه قول أبي يوسف لما بينهما من الوحشة حين نص السير ولئن سلمنا فهناك العمل بالبينتين غير ممكن في حق المولى القديم لأن الشراء الثاني ناسخ للأول فصرنا إلى الترجيح بالزيادة لهذا والطريقة التي حكاها أبو يوسف إن بينة الشفيع ملزمة وبينة المشتري غير ملزمة والبينتان للإلزام فالملزم من البينتين يترجح كما في بينة العبد مع بينة المولى في مسألة التعليق .
وبيان هذا أنه إذا قبلت بينة الشفيع وجب على المشتري تسليم الدار إليه بألف شاء أو أبى وإذا قبلت بينة المشتري لا يجب على الشفيع شيء ولكنه يتخير بين أن يأخذ أو يترك وبه فارق بينة البائع والمشتري لأن كل واحدة من البينتين هناك ملزمة وكذلك بينة الوكيل مع الموكل كل واحدة منهما ملزمة فلهذا صرنا إلى الترجيح بالزيادة وفي مسألة المشتري مع العبد من العدو ويقول على هذه الطريقة البينة بينة المولى القديم لأنها ملزمة وبينة المشتري غير ملزمة وإذا أخذ الشفيع الدار من المشتري فعهدته وضمان ماله على المشتري لأنه يتملك الدار عليه ويدفع الثمن إليه فهو في حقه بمنزلة البائع مع المشتري فإن قيل حق الشفيع مقدم على حق المشتري شرعا فينبغي أن يجعل أخذ الشفيع من يده بمنزلة الاستحقاق عليه لأنه يأخذ بحق مقدم على حقه قلنا نعم حقه مقدم ولكن ثبوت حقه بالسبب الذي يثبت به حق المشتري وهو الشراء إذ بأخذه لا يبطل ذلك السبب بخلاف الاستحقاق بدعوى الملك فإذا بقي السبب وتأكد بقبض المشتري لم يمكن أن يجعل الشفيع متملكا على البائع لأنه لا ملك له ولا يد حتى قضي له بالشفعة فلا بد أن يجعل متملكا على المشتري مستحقا عليه يده فلهذا كانت عهدته على المشتري كما لو اشتراها ابتداء منه وإن أخذها من البائع ودفع الثمن إليه فعهدته وضمان ماله على البائع عندنا .
وقال بن أبي ليلى عهدته على البائع في الوجهين جميعا لأن الشفيع لما تقدم على المشتري قام مقامه ثم عهدة المشتري على البائع فكذلك عهده الشفيع وللشافعي قولان في أحد القولين ليس للشفيع أن يأخذ من البائع ولكن البائع يسلمه إلى المشتري وعهدته عليه لأنه يتملك على المشتري بعوض والمبيع قبل القبض عنده لا يحتمل التملك على المشتري بعوض عقارا كان أو منقولا وعلى القول الآخر يأخذ من يد البائع وعهدته على المشتري وإليه يدفع الثمن وهو رواية عن أبي يوسف لأن حق الشفعة يثبت بالشراء فكان من حقوق الشراء وما يكون من حقوق الشيء لا يكون ناسخا له وكيف يكون أخذ الشفيع ناسخا للبيع وهو مبطل حقه كما لو ظهر