وذلك من الكبير دون الصغير ولأن الصغير في الجوار تبع فهو في معنى المعير والمستأجر ولكنا نقول سبب الاستحقاق متحقق في حق الصغير وهو الشركة أو الجوار من حيث اتصال حق ملكه بالمبيع على وجه التأبيد فيكون مساويا للكبير في الاستحقاق به أيضا ثم هو محتاج إلى الأخذ لدفع الضرر في الآتي عن نفسه وإن لم يكن محتاجا إلى ذلك في الحال وبمثل هذه الحاجة جاز للمولى تزويج الصغير والصغيرة فكذلك يثبت له حق الشفعة ثم يقوم بالطلب من يقوم مقامه شرعا في استيفاء حقوقه وهو أبوه ثم وصى أبيه ثم جده أبو أبيه ثم وصى الجد ثم وصي نصبه القاضي فإن لم يكن له أحد من هؤلاء فهو على شفعته إذا أدرك لأن الحق قد ثبت له ولا يتمكن من استيفائه قبل الإدراك لأن الاستيفاء يبنى على طلب ملزم ولا يكون طلبه ملزما قبل الإدراك فتركه الطلب قبل الإدراك لعدم تمكنه من ذلك لا يكون مسقطا حقه كالبائع إذا ترك الطلب لأنه لم يعلم به والغائب على شفعته إذا علم لهذا المعنى فإنه لا يتمكن من الطلب ما لم يعلم به وترك الطلب إنما يكون دليلا على الرضا أو التسليم بعد التمكن منه لا قبله والذكر والأنثى والحر والمملوك والمسلم والكافر في حق الشفعة سواء لأنه من المعاملات وإنما ينبني الاستحقاق على سبب متصور في حق هؤلاء وثبوت الحكم بثبوت سببه وإذا اشترى الرجل دارا وقبضها ونقد الثمن واختلف الشفيع والمشتري في الثمن فالقول قول المشتري مع يمينه لأن الشفيع يتملك الدار على المشتري كما أن المشتري يتملكها على البائع .
ولو كان الاختلاف بين البائع والمشتري في الثمن كان القول قول البائع كما قال صلى الله عليه وسلم إذا اختلف المتبايعان فالقول ما يقوله البائع فكذلك المشتري مع الشفيع ولأن الشفيع يدعي على المشتري وجوب تسليم الدار إليه عند إحضار الألف والمشتري منكر لذلك فالقول قوله مع يمينه وأيهما أقام البينة قبلت بينته لأنه يؤيد دعواه بالحجة وليس في معارضة حجته سوى مجرد الدعوى من الآخر والدعوى لا تعارض الحجة ثم الشفيع إن أقام البينة فقد أثبت ما ادعى من وجوب تسليم الدار إليه عند أداء الألف والمشتري إن أقام البينة فقد أثبت زيادة في الثمن ببينته وإن أقاما جميعا البينة فالبينة بينة الشفيع في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله وقال أبو يوسف البينة بينة المشتري لأنه يثبت زيادة في الثمن ببينته والشفيع ينفي تلك الزيادة والمثبت للزيادة من البينتين أولى بالعمل بها كما لو اختلف البائع والمشتري في مقدار الثمن وأقاما البينة كانت بينة البائع أولى بالقبول لما فيها من إثبات الزيادة