وقد ارتفع هذا المعنى بعده فكل طائفة يتمكنون من أداء الصلاة بإمام على حدة فلا يجوز لهم أداؤها بصفة الذهاب والمجيء .
( وحجتنا ) في ذلك أن الصحابة أقاموها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم روي ذلك عن سعد بن أبي وقاص وأبي عبيدة بن الجراح وأن سعيد بن العاص سأل عنها أبا سعيد الخدري فعلمه فأقامها وسببه وهو الخوف يتحقق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان في حياته ولم يكن ذلك لنيل فضيلة الصلاة خلفه فترك المشي واجب في الصلاة ولا يجوز ترك الواجب لإحراز الفضيلة ثم الآن يحتاجون إلى إحراز فضيلة تكثير الجماعة فإنها كلما كانت أكثر فهي أفضل وقوله ! < وإذا كنت فيهم > ! 102 معناه أنت أو من يقوم مقامك في الإمامة كما في قوله ! < خذ من أموالهم صدقة > ! 103 وقد يكون الخطاب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يختص هو به كما في قوله تعالى ! < يا أيها النبي إذا طلقتم النساء > ! 1 .
والثاني وهو أنه لا ينتقص عدد الركعات بسبب الخوف عندنا وكان بن عباس رضي الله عنه يقول صلاة المقيم أربع ركعات وصلاة المسافر ركعتان وصلاة الخوف ركعة وبه أخذ بعض العلماء .
واستدل بما روى أن النبي عليه الصلاة والسلام صلى صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع بكل طائفة ركعة فكانت له ركعتان ولكل طائفة ركعة .
وتأويل هذا عندنا ولكل طائفة ركعة مؤداة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وركعة أخرى صلوها وحدهم .
والثالث في صفة صلاة الخوف فالمذهب عندنا أن يجعل الإمام الناس طائفتين فيصلي بالطائفة الأولى ركعة فإذا رفع رأسه منها ذهبوا فوقفوا بإزاء العدو وجاءت الطائفة الأخرى فيصلي بهم ركعة ويسلم ثم ذهبوا فوقفوا بإزاء العدو وجاءت الطائفة الأولى فيتمون صلاتهم بلا قراءة ثم ذهبوا وجاءت الطائفة الأخرى فيصلون الركعة الأولى بقراءة وهكذا روى بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الناس طائفتين فصلى بكل طائفة ركعة وقضت كل طائفة ركعة أخرى وهكذا روى سالم عن بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الخوف بالطائفتين بهذه الصفة .
وكان بن أبي ليلى يقول إذا كان العدو في ناحية القبلة جعل الناس صفين وافتتح الصلاة بهم جميعا فإذا ركع الإمام ركعوا معه وإذا سجد الإمام