وعليه مثلها وهو أشارة لما بينا فإنه إذا اشترى جارية وجب ثمنها في ذمته وقد جوز له المعير الانتفاع بتلك الدراهم في حاجته وقضاء الدين من حاجته فكان له أن يقضي الدين بها على أن يضمن مثلها فأما الأواني من الذهب والفضة والجواهر وغيرها فليست بقرض ولكنها عوار لأن منافعها تنفصل عن عينها ولا يتعذر حكم الإعارة فيها حتى لو باعها المستعير لم يجز بيعه فيها وكذلك اللاليء وإلا كارع والرؤوس لا يجوز اقراضها والله أعلم .
$ باب القرض والصرف فيه $ قال رحمه الله روى عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما قالت أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا وخمسين وسقا من تمر خيبر وعشرين وسقا من شعير فقال لي عاصم بن عدي أعطيك تمرا هنا وآخذ تمرك بخيبر فقالت لا حتى أسئل عن ذلك فسألت عمر بن الخطاب رضي الله عنه فنهاني عنه وقال كيف بالضمان فيما بين ذلك وبه نأخذ فإن هذا إن كان بطريق البيع فاشتراط إيفاء بدل له حمل ومؤنة في مكان آخر مبطل للبيع وهو مبادلة التمر بالتمر نسيئة وذلك لا يجوز وإن كان بطريق الاستعراض فهذا قرض جر منفعة وهو إسقاط خطر الطريق عن نفسه ومؤنة الحمل ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قرض جر منفعة وسماه ربا وعن محمد بن سيرين قال أقرض عمر بن الخطاب رضي الله عنه أبي بن كعب رضي الله عنه عشرة آلاف درهم وكانت لأبي رضي الله عنه نخل بعجل فأهدى أبي بن كعب رضي الله عنه رطبا لعمر رضي الله عنه فرده عليه فلقيه أبي فقال أظننت أني أهديت إليك لأجل مالك أبعث إلى مالك فخذه فقال عمر لأبي رضي الله عنهما رد علينا هديتنا وبه نأخذ فإن عمر رضي الله عنه إنما رد الهدية مع أنه كان يقبل الهدايا لأنه ظن أنه أهدى إليه لأجل ماله فكان ذلك منفعة القرض فلما أعلمه أبي رضي الله عنه أنه ما أهدى إليه لأجل ماله قبل الهدية منه وهذا هو الأصل ولهذا قلنا أن المنفعة إذا كانت مشروطة في الإقراض فهو قرض جر منفعة وإن لم تكن مشروطة فلا بأس به حتى لورد المستقرض أجود مما قبضه فإن كان ذلك عن شرط لم يحل لأنه منفعة القرض وإن لم يكن ذلك عن شرط فلا بأس به لأنه أحسن في قضاء الدين وهو مندوب إليه .
بيانه في حديث عطاء قال استقرض رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل دراهم فقضاه وأرجح له فقالوا أرجحت فقال صلى الله عليه وسلم