من يقول لا يجوز استقراضه إلا وزنا لأنه لا يجوز الاستقراض فيه وزنا وهذا لأن إعلامه بالوزن أبلغ من إعلامه بذكر العدد فإذا جاز عنده الاستقراض فيه عددا فلان يجوز وزنا أولى ومن أصحابنا رحمهم الله من قال بل استعظم جواز استقراضه وزنا لأن القياس فيه ما قاله أبو حنيفة أنه لا يوقف على حده وإنما ترك هذا القياس محمد لتعارف الناس وذلك في استقراضه عددا فبقى استقراضه وزنا على أصل القياس وأما الحيوان فلا يجوز استقراض شيء منه عندنا وقال الشافعي يجوز ذلك إلا في الجواري لما روى النبي صلى الله عليه وسلم أنه استقرض بكرا ورد رباعيا وقال خيركم أحسنكم قضاء ولأن الحيوان مما يثبت دينا في الذمة أما عندي في السلم وعند الكل في النكاح والخلع والصلح في دم العمد فيجوز استقراضه كالمكيل والموزون وهذا لأن القرض موجبه ملك المقبوض بعينه وثبوت مثله في الذمة والحيوان محتمل فلما كان ذلك محلا لموجب القرض كان الاستقراض جائزا إلا أن في الجواري لا أجوز الاستقراض كما لا أجوز السلم على أحد القولين وعلى القول الذي يجوز السلم فيه الفرق أن المقصود في الجواري ملك المتعة وعقد المعاوضة مشروع لإثبات ملك المتعة وأما القرض فبذل بطريق التبرع وملك المتعة لا يثبت بطريق التبرع ولا مدخل للتبرع فيه فلهذا لا يجوز فيه الاستقراض بخلاف سائر الحيوانات فإنما هو المقصود لما يعمل فيه البدل ويثبت بطريق التبرع فيجوز استقراضه وحجتنا في ذلك أن هذا غير مضمون بالقيمة على مستهلكه فلا يجوز استقراضه كالجواري ولهذا تبين أنه لا يمكن إثبات الحيوان دينا في الذمة بمقابلة ما هو مال مع اعتبار المعادلة في المالية لأنه لا يصار في المستهلكات إلى القيمة إلا عند تعذر ايجاب المثل وموجب القرض ثبوت المثل في الذمة بشرط المعادلة في المماثلة فإذا تعذر ذلك في الحيوان لم يجز استقراضه وبه فارق ثبوت الحيوان في الذمة بدلا عما ليس بمال لأن ذلك ليس شرط المعادلة في المماثلة مع أنه لا يثبت في الذمة ثبوتا صحيحا حتى لو أتاها بالقيمة أجبرت على قبوله ولا مدخل لذلك في القرض ابتداء وعذره في الجواري فاسد لأن المقصود ملك العين والمالية وذلك يعمل فيه البدل ويثبت بطريق التبرع ألا ترى أن ملك العين والمالية يثبت فيها بدون ملك المنفعة وهو ما إذا كانت أخته من الرضاعة أو منكوحة الغير ولأن الحيوان تنفصل منفعته عن عينه والاستقراض لا يجوز في مثله كالحر وتحقيقه ما قلنا أن الإقراض بمنزلة الإعارة ففيما تنفصل المنفعة فيه عن العين تتأتى حقيقة الإعارة فلا حاجة إلى تصحيح