ذلك نهيا للضارب عن الضرب لا خطابا للمضروب والمعنى في المسبية حدوث ملك الحل فيها لمن وقعت في سهمه بسبب ملك الرقبة فبهذه العلة يتعدى الحكم من المنصوص عليه إلى غير المنصوص عليه وهي المشتراة أو الموهوبة ووجوب الاستبراء في المشتراة مروى عن علي وبن عمر رضي الله عنهما والحكمة في ذلك تعرف براءة الرحم وصيانة ماء نفسه عن الخلط بماء غيره والتحرز عن أن يصير ماؤه ساقيا زرع غيره ولكن الحكم يثبت بثبوت علته ولهذا قلنا إذا اشتراها من امرأة أو صبي باعها أبوه أو اشتراها وهي بكر أو اشتراها من مملوك لزمه الاستبراء لوجود العلة الموجبة وهي حدوث ملك الحل بسبب ملك الرقبة وعن أبي يوسف قال إذا تيقن فراغ رحمها من ماء البائع فليس عليه فيها استبراء واجب لأن الاستبراء كاسمه تبين فراغ الرحم وقاس بالمطلقة قبل الدخول أنه لا يلزمها العدة لأن المقصود من العدة في حال الدخول تبين فراغ الرحم .
ولكنا نقول هذه حكمة الاستبراء والحكم متعلق بالعلة لا بالحكمة ثم اشتغال رحمها بالماء عند الشراء لا يمكن معرفته حقيقة فيتعلق الحكم شرعا بالعيب الظاهر وهو حدوث ملك الحل بسبب ملك الرقبة فدار الحكم معه وجودا وعدما للتيسير على الناس وكذلك لا يقبلها ولا يباشرها ولا ينظر منها إلى عورة حتى يستبرئها لأن من الجائز أنها حملت من البائع وأن البيع فيها باطل وهذه التصرفات لا تحل إلا في الملك كالوطء ولأن الوطء حرام في مدة الاستبراء وهذا من دواعي الوطء فيحرم بحرمة الوطء كما إذا ظاهر من امرأته لما حرم عليه وطؤها حرم عليه دواعيه بخلاف الحيض فإن المحرم بسبب الحيض استعمال الأذى كما وقعت إليه الإشارة بالنص ولا يوجد ذلك في التقبيل والمس ثم الدواعي هناك لا توقعه في ارتكاب الحرام لنفرة في طبعه عنها بسبب الأذى والدواعي هنا موقعة في إرتكاب الحرام وهو الوطء لأنه راغب فيها غاية الرغبة ما لم يحصل مقصوده منها .
( فإن كانت لا تحيض من صغر أو كبر فاستبراؤها بشهر ) لأن الشهر قائم مقام الحيض والطهر شرعا فكل شهر يشتمل على حيض وطهر عادة ألا ترى أن الله تعالى أقام ثلاثة أشهر في حق الآيسة والصغيرة مقام ثلاثة قروء في العدة ومدة الاستبراء ثلث مدة العدة فيتقدر بشهر وإن كانت حاملا فاستبراؤها بوضع الحمل للنص كما روينا ولأن مدة الحمل لا تحتمل التحري لتعذر الاستبراء ببعضها فإذا وجب اعتبار جزء منها وجب اعتبار الكل والمقصود تبين فراغ الرحم ولا يحصل شيء من هذا المقصود قبل الوضع بل يزداد معنى الاشتغال بمضي