ذلك قبل الشروع في الخطبة لا في خلالها والذي روى أن عمر رضي الله عنه قال لعثمان رضي الله عنه حين دخل وهو يخطب أية ساعة المجيء هذه الحديث فقد كان ذلك منه أمرا بالمعروف والخطبة كلها وعظ وأمر بمعروف والذي روى أن النبي كان يخطب إذ دخل أعرابي وقال هلكت المواشي وتقطعت السبل وخشينا القحط فاستسقى رسول الله قيل كان ذلك قبل نزول قوله تعالى ! < وإذا قرئ القرآن > ! 204 الآية وقيل كان ملكا مقيضا هبط في الجمعتين ليذكر رسول الله دعاء الاستسقاء ودعاء الفرج من خوف الغرق والخطبة فيها الدعاء .
( قال ) ( ولا ينبغي للقوم أن يتكلموا والإمام يخطب ) لقوله تعالى ! < فاستمعوا له وأنصتوا > ! 204 الآية ولأنه في الخطبة يخاطبهم بالوعظ فإذا اشتغلوا بالكلام لم يفد وعظه إياهم شيئا وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال من قال لصاحبه والإمام يخطب انصت فقد لغا ومن لغا فلا صلاة له .
وقرأ رسول الله سورة في خطبته فقال أبو الدرداء لأبي بن كعب رحمهما الله تعالى متى أنزلت هذه السورة فلم يجبه فلما فرغ من صلاته قال أما أن حظك من صلاتك ما لغوت فجاء إلى رسول الله يشكوه فقال عليه الصلاة والسلام صدق أبي وسمع بن عمر رجلا يقول لصاحبه يوم الجمعة والإمام يخطب متى تخرج القافلة فقال صاحبه غدا فلما فرغ بن عمر رضي الله تعالى عنهما من صلاته قال للمجيب أما أنك فقد لغوت وأما صاحبك هذا فحمار .
فإن كان بحيث لا يسمع الخطبة فظاهر الجواب أنه يسكت لأن المأمور به شيئان الاستماع والإنصات فمن قرب من الإمام فقد قدر عليهما ومن بعد عنه فقد قدر على أحدهما وهو الإنصات فيأتي بما قدر عليه وكان محمد بن سلمة رضي الله تعالى عنه يختار السكوت ونصير بن يحيى رضي الله تعالى عنه يختار قراءة القرآن في نفسه والحكم بن زهير كان ينظر في الفقه وهو من كبار أصحابنا وكان مولعا بالتدريس .
قال الحسن بن زياد رضي الله تعالى عنه ما دخل العراق أحد أفقه من الحكم بن زهير .
قلت فهل يردون السلام ويشمتون العاطس ويصلون على النبي ويقرؤون القرآن قال أحب إلي أن يستمعوا .
فقد أظرف في هذا الجواب ولم يقل لا ولكنه ذكر ما هو المأمور به وهو الاستماع والإنصات ولم يذكر أن العاطس هل يحمد الله تعالى والصحيح أنه يقوله في نفسه فذلك لا يشغله عن الاستماع وأما التشميت ورد السلام فلا يأتي بهما عندنا خلافا للشافعي رضي الله تعالى عنه