11 ) كان رسول الله يخطب قائما حين انفض عنه الناس بدخول العير المدينة وهكذا جرى التوارث من لدن رسول الله إلى يومنا هذا والذي روى عن عثمان رضي الله تعالى عنه أنه كان يخطب قاعدا إنما فعل ذلك لمرض أو كبر في آخر عمره وفي حديث جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله كان يخطب قائما خطبة واحدة فلما أسن جعلها خطبتين يجلس بينهما جلسة ففي هذا دليل أنه يجوز الاكتفاء بالخطبة الواحدة بخلاف ما يقوله الشافعي رضي الله تعالى عنه وفي هذا دليل على أن الجلسة بين الخطبتين للاستراحة وليست بشرط عندنا خلافا للشافعي رضي الله تعالى عنه أنها شرط ( قال ) ( إمام خطب جنبا ثم اغتسل فصلى بهم أو خطب محدثا ثم توضأ فصلى بهم أجزأهم عندنا وعند أبي يوسف رضي الله تعالى عنه لا يجزئهم ) وهو قول الشافعي رضي الله تعالى عنه لأن الخطبة بمنزلة شطر الصلاة حتى لا يجوز أداؤها إلا في وقت الصلاة وفي الأثر إنما قصرت الجمعة لمكان الخطبة فكما تشترط الطهارة في الصلاة فكذلك في الخطبة .
( ولنا ) أن الخطبة ذكر والمحدث والجنب لا يمنعان من ذكر الله ما خلا قراءة القرآن في حق الجنب وليست الخطبة نظير الصلاة ولا بمنزلة شطرها بدليل أنها تؤدى غير مستقبل بها القبلة ولا يفسدها الكلام وتأويل الأثر أنها في حكم الثواب كشطر الصلاة لا في اشتراط شرائط الصلاة فيها وقد ذكرنا في باب الأذان أنه يعاد أذان الجنب ولم يذكر إعادة خطبة الجنب ولا فرق بينهما في الحقيقة غير أن الأذان لا يتعلق به حكم الجواز فذكر استحباب الإعادة والخطبة يتعلق بها حكم الجواز فذكر الجواز هنا واستحباب الإعادة ها هنا كهو في الأذان ( قال ) ( وينبغي للإمام أن يقرأ سورة في خطبته ) لقوله تعالى ! < وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له > ! 204 قيل الآية في الخطبة سماها قرآنا لما فيها من قراءة القرآن وكان رسول الله يبلغهم ما أنزل الله تعالى في خطبته وذكر السورة لأنها أدل على المعنى والإعجاز .
ولو اكتفى بقراءة آية طويلة جاز أيضا لأن فرض القراءة في الصلاة يتأدى بهذا فسنة القراءة في الخطبة أولى ( قال ) ( وإذا أحدث الإمام يوم الجمعة بعد الخطبة وأمر رجلا يصلي بالناس فإن كان الرجل شهد الخطبة جاز ذلك ) لأنه قام مقام الأول وهو مستجمع