صار كالمعدوم ولو ماتت إحداهما في يده أو جنى عليها قبل التعيب لزمه البيع فيها ويرد الأخرى فهذا مثله وإن أعتق البائع التي اختار المشتري لم يعتق لأن باختيار المشتري تعين البيع فيها فإنما أعتق البائع ما لا يملكه وإن أعتقهما جميعا عتقت التي ترد عليه منهما لأن عتقه نفذ في أحديهما فإن أحديهما مبيعة خارجة عن ملكه وإن كان للمشتري فيها خيار فلا ينفذ عتقه فيها والأخرى أمانة وهي باقية على ملكه فينفذ عتقه فيها إلا أن بإعتاقه لا يسقط الخيار الثابت للمشتري لأن البائع غير متمكن من إسقاط خياره فيقال للمشتري اختر أيتهما شئت فإذا اختار أحديهما تعينت الأخرى للرد فينفذ عتق البائع فيها .
( قال ) ( وإن اختار ردهما جميعا فعتق البائع إنما ينفذ في أحديهما ) لأن أحديهما ما كانت مملوكة له حين أعتق فلا ينفذ عتقه فيها وإن عادت إليه بعد ذلك وإذا نفذ عتقه في أحديهما بغير عينها كان البيان فيه إلى البائع .
( قال ) ( ولو لم يعتق واحد من الموليين شيئا منهما ولكن المشتري وطئهما فحبلتا ثم مات قبل أن يبين أيتهما اختار فإن عرفت الموطوءة أولا فهي أم ولده ) لأن إقدامه على وطئها تعيين للبيع فيها وإسقاط للخيار فإن الوطء لا يحل إلا في الملك فإقدامه عليه دليل تقريره الملك فيها .
ألا ترى ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما خير بريرة رضي الله تعالى عنها ( قال ) لها إن وطئك زوجك فلا خيار لك فقد جعل تمكينها نفسها من الزوج مسقطا لخيارها وإذا تعين بيعه فيها وقد استولدها كان عليه ثمنها وهي أم ولد له ويرد الأخرى وولدها على البائع ولا يثبت نسبه من المشتري لأنه ليس له في الأخرى ملك ولا شبهة ملك وعليه عقرها .
وهذا لأن الحد قد سقط بالشبهة صورة العقد والوطء في غير الملك لا ينفك عن حد أو عقر فإذا سقط الحد لزمه عقرها وإن لم يعلم أيتهما وطئت أولا فالقول قول ورثته لأنهم قائمون مقامه وهو لو بين الموطوءة أولا منهما وجب قبول بيانه .
فكذلك بيان ورثته بعده وهذا .
لأن ثمن الموطوءه أولا وجب على الوارث قضاؤه من التركة والقول قوله في بيان ما لزمه ثمنه فإنهم إن قالوا لا نعلم لزم المشتري نصف ثمن كل واحدة منهما ونصف عقرها لأنه ليست إحداهما بتعيين البيع فيها بأولى من الأخرى فيتبع البيع فيهما ويلزمه نصف ثمن كل واحدة منهما وقد لزمه عقر أحديهما بالوطء وليست إحداهما بذلك بأولى من الأخرى فلزمه نصف عقد كل واحدة منهما وتسعى كل واحدة منهما في نصف قيمتها للبائع لأن المبيعة منهما أم ولده وقد عتقت بموته وليست إحداهما بذلك بأولى من الأخرى