وكل واحد منهما شرط الخيار لنفسه ليكون متخيرا مستبدا بالتصرف فيما يرجع إلى دفع الضرر عنه ولو لم يكن له حق الفسخ إذا لم يساعده الآخر على ذلك فات عليه مقصوده وربما يكون في الإجازة لأحدهما ضرر وللآخر نظر فكما لا يكون للفاسخ أن يلزم شريكه ضرر تصرفه بالفسخ فكذلك لا يكون للمجيز أن يلزم شريكه ضرر تصرفه للإجازة .
يوضحه أن الراد منهما ما ثبت له الخيار إلا في نصفه ولو اشترى العبد كله على أنه بالخيار في نصفه كان له أن يرد النصف بحكم الخيار .
فإذا اشترى النصف وما ثبت له الخيار إلا في نصفه فهو أولى .
وأبو حنيفة يقول إن الراد منهما يرد نصيبه بعيب لم يكن ذلك عند البائع وليس له حق الرد بعيب حادث بسبب الخيار كما لو تعيب في يده وهذا لأنه بالرد يدفع الضرر عن نفسه ولكن يلحق الضرر بغيره وليس له أن يلحق الضرر بغيره .
وبيان الوصف أن المبيع خرج من ملك البائع جملة فإذا رد أحدهما النصف فإنما يرد النصف معيبا بعيب الشركة فإن الشركة فيما يضره التبعيض عيب فاحش ولهذا يرد الصداق به والرجوع في معرفة العيب إلى العرف فالأشقاص في العادة لا يشترى بمثل ما يشترى به في الأشخاص .
فعرفنا أنه يتضرر البائع بالرد عليه والبائع أوجب العقد لهما جملة وذلك لم يكن منه رضا بعيب التبعيض بدليل أنه لا يملك أحدهما القبول دون الآخر ولو قبلا ثم نقد أحدهما حصته من الثمن لا يملك قبض حصته من المبيع ولو كان البائع راضيا بعيب التبعيض لملك .
ذلك أحدهما وإن كان الملك واليد في جانب البائع مجتمعا لوجود الرضا منه بذلك ولكن كان راضيا بعيب التبعيض فإنما يرضى به في ملك الغير وذلك لا يدل على أنه رضي به في ملك نفسه .
ألا ترى أن المشتري لو زوج المبيعة ثم وجد بها عيبا لا يردها لأنها تعيبت بعيب النكاح وقد سلطه البائع على تزويجها وذلك أقوى من الرضى بتصرفه ولكن إنما يرضى به في ملك الغير لا في ملك نفسه ولا يقال بأن هذا العيب حدث في يد البائع لأن تصرف الملك ثبت بالعقد قبل القبض لأنه وإن حدث في يد البائع فإنما حدث بفعل المشتري والمشتري إذا عيب المعقود عليه في يد البائع لم يكن له أن يرده بحكم خياره إلا أن هذا العيب يعرض الزوال بأن يساعده في الرد على الراد وإذا انعدم ذلك ظهر عمله في المنع من الرد ولا معنى لما قالا أن في امتناع الرد ضررا على الراد لأن هذا ضرر يلحقه بعجزه عن إيجاد شرط الرد لا يتصرف من الغير ولأن مراعاة جانب البائع أولى لأن البائع يتضرر بتصرف الراد