في التصرف في التركة ومع هذا لم يبق الأجل فكذلك الخيار وكذلك إذا سكت من له الخيار حتى مضت الثلاثة أو ذهب عقله أو أغمي عليه أو ارتد فقتل أو مات لأنه عجز عن التصرف بحكم الخيار وقد تقرر ذلك بمضي المدة فلزم البيع وهذا لأن الخيار المؤقت لا يبقى بعد مضي الوقت والبيع في الأصل لازم وإنما الخيار كان مانعا من اللزوم فبأي وجه سقط صار كأن لم يكن .
( قال ) ( وإن كان الخيار للمشتري فهلكت السلعة في يده لزمه الثمن وانقطع الخيار ) لأنه عجز عن التصرف بحكم الخيار حين أشرفت السلعة على الهلاك فإنها قد تعينت بذلك وليس له أن يردها بحكم الخيار إلا كما قبضها فإذا عجز عن ذلك سقط خياره وتم البيع وتقرر عليه الثمن لكونه قابضا للمبيع وكذلك إن أصاب السلعة عيب عنده بفعله أو بفعل أجنبي أو بآفة سماوية أو بفعل المبيع بنفسه لأنه عجز عن رده كما قبض بأي وجه تعيب عنده يسقط خياره وكذلك إن كانت جارية فوطئها لأن الوطء لا يحل إلا في ملك مستقر فإقدامه على وطئها من أدل الدلائل على الرضا باستقرار ملكه فيها وذلك لا يكون إلا بعد سقوط الخيار وكذلك إن عرضها البيع لأنه إنما يعرضها على البيع ليبيعها والبيع تصرف منه بحكم الملك ولا يكون ذلك إلا بعد إسقاط الخيار ورضاه يقرر ملكه فيها .
وكذلك لو قال قد رضيتها لأنه بالرضى يسقط حقه في الرد ولا يلزم البائع شيء فالمبيع لازم في جانب البائع وهو راض بتمامه ولو لم يكن شيء من ذلك ولكنه اختار ردها على البائع بغير محضر منه فليس ذلك بشيء وله أن يرضى بعد ذلك ما لم يعلم البائع بفسخه في الأيام الثلاثة فإن علم بعد ذلك تم الفسخ وليس للمشتري أن يرضى به بعد ذلك وإن لم يعلم بفسخه حتى مضت الأيام الثلاثة بطل ذلك الفسخ وتم البيع في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وهو قول أبي يوسف الأول ثم رجع فقال رده جائز بغير محضر من البائع وبغير علمه لأن تصرفه يلاقي خالص حقه فيكون نافذا كالزوج إذا طلق امرأته ثم راجعها بغير علمها والمعتقة إذا اختارت نفسها بغير علم الزوج كان اختيارها صحيحا وبيان الوصف أن الخيار خالص حق من له الخيار ولهذا لا يشترط رضا الآخر في تصرف من له الخيار بحكم الخيار فكذلك لا يشترط حضوره واعتبر الفسخ بالإجازة وتقرير كلامه من وجهين ( أحدهما ) أن المشروط له الخيار مسلط على الفسخ من جهة صاحبه والمسلط على التصرف ينفذ تصرفه بغير محضر من المسلط كما ينفذ تصرف الوكيل بغير محضر من الموكل .
( والثاني ) أن الخيار شرط ليدفع به الضرر عن نفسه فلو لم يكن متمكنا من الفسخ بغير