ويبقى مقتضى العقد وهو اللزوم وموجبه وهو الملك ولكنا نقول تركنا هذا القياس للحديث ولحاجة الناس إلى ذلك .
فالبيع عقد معاينة والمقصود به الاسترباح ولا يمكنه تحصيل ذلك .
إلا أن يرى النظر فيه ويريه بعض أصدقائه ليحتاج لأجل ذلك إلى شرط الخيار فإذا كان يجوز بعض العقود لحاجة الناس كالإجارة ونحوها فشرط الخيار في العقد أولى ثم أصل العقد لا يتعلق بالشرط لأن الخيار صفة في العقد يقال بيع بات وبيع بخيار وبالصفة لا يتعلق أصل الموصوف وإنما يدخل الخيار في الحكم فيجعله في معنى المعلق بالشرط لأن الشرط لا يخلو السبب عن الحكم إلا أن يتصل الحكم به فقد يجوز أن يتأخر الحكم عنه لمؤخر كما يتأخر وجوب تسليم الثمن بشرط الأجل ثم خيار الشرط يتقدر بثلاثة أيام وما دونها .
ولا يجوز أكثر من ذلك في قول أبي حنيفة وزفر رحمهما الله تعالى .
وقد ( قال ) أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى وبن أبي ليلى يجوز إذا كانت المدة معلومة طالت أو قصرت لقوله صلى الله عليه وسلم المسلمون عند شروطهم فإذا شرط الخيار شهرا وجب الوفاء به لظاهر الحديث وعن عمر رضي الله تعالى عنه عنه أنه أجاز الخيار لرجل في ناقة شهرين والمعنى فيه أن هذا مدة ملحقه بالعقد شرطا فلا تتقدر بالثلث كالأجل وهذا لأن ما زاد على الثلث كالثلث في المعنى الذي لأجله جوزنا شرط الخيار ثم يعتبر هذا الخيار بخيار العيب والرؤية أو بنفس هذا العقد على عقد الكفالة فكما يجوز اشتراط الخيار هناك أكثر من ثلاثة أيام فكذلك يجوز هنا .
وأبو حنيفة استدل بالحديث فإن النبي صلى الله عليه وسلم قدر الخيار بثلاثة أيام والتقدير الشرعي إما أن يكون لمنع الزيادة والنقصان أو لمنع أحدهما وهذا التقدير ليس لمنع النقصان فاشتراط الخيار دون ثلاثة أيام يجوز فعرفنا أنه لمنع الزيادة إذ لو لم تمنع الزيادة لم يبق لهذا التقدير فائدة وما نص عليه صاحب الشرع من التقدير لا يجوز إخلاؤه عن الفائدة لأنه ما كان بحارق في بيان الأحكام ثم بسبب اشتراط الخيار يتمكن معنى الغرر وبزيادة المدة يزداد الغرر .
وقد كان القياس أن لا يجوز اشتراط الخيار في البيع أصلا وهو قياس يسده الأثر لأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر إلا أنا تركنا القياس في مدة الثلاثة لورود الأثر فيه وجواز العقد مع القليل من الغرر لا يدل على الجواز عند كثرة الغرر وبه فارق الطفالة لأنها تحتمل الغرر والخطر .
ألا ترى أنه يجوز تعليق أصل الطفالة بأن يقول مالك على فلان فهو علي وبه فارق خيار العيب والرؤية لأنه لا يتمكن الغرر بسببه وفي حديث عمر