في أي محلة هو ففي القياس لا يجوز للجهالة وفي الاستحسان يجوز لأن نواحي المصر كمكان واحد ولكن في هذين الوجهين لا فرق بين أن يكون بلفظ الحمل أو بلفظ الإيفاء وفي الكتاب قال نأخذ بالحمل في القياس وفي هذا بالاستحسان فعرفنا أن مراده الوجه الأول .
( قال ) ( ولا بأس بالسلم بالجبن والمصل ) لأنه موزون معلوم وبعض المتأخرين رحمهم الله يقولون هذا في مصل ديار خوارزم فإنه لا يخالطه الدقيق فإنا في مصل ديارنا ينبغي أن لا يجوز لأنه يخالطه دقيق الشعير وقد نقل ذلك وقد يكثر وبجنسه تختلف المالية فكان قياس السلم في الناطف الممون والأصح أنه إن كان معلوما عند أهل الصنعة على وجه لا يتفاوت فالسلم صحيح .
( قال ) ( وإذا اختلفا فقال رب السلم أسلمت إليك في ثوب يهودي وقال المسلم إليه بل هو في زطي يحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه ) لاختلافهما في جنس المعقود عليه وأيهما أقام البينة وجب قبول بينته وإن أقاما البينة فالبينة بينة الطالب في قول أبي يوسف وفي قول محمد يقضي بسلمين إذا كانا في المجلس وقد بينا هذا وإذا اتفقا على أنه يهودي غير أن الطالب قال هو ستة أذرع في ثلاثة أذرع وقال المطلوب خمسة أذرع في ثلاثة أذرع في القياس يتحالفان ويترادان وبالقياس نأخذ .
وفي الاستحسان القول قول المطلوب لأن المسلم فيه مبيع ولو كان مبيعا عينا واختلفا في طوله وعرضه لا يتحالفان بل القول قول من ينكر الزيادة فكذلك في السلم وهذا لأن زيادة الطول والعرض لا تستحق إلا بالشرط فكان بمنزلة الأجل وقد بينا أنهما إذا اختلفا في الأجل لم يتحالفا فهذا مثله وفي القياس المسلم فيه دين والذرعان لا علامة في المذروعات بمنزلة العقد في المقدورات ولو اختلفا في مقدار المسلم فيه تحالفا .
ثم أكثر ما في الباب أن الذرعان صفة ولكن المسلم فيه دين فيختلف باختلاف الصفة وقد بينا هذا في الجيد والردى أنهما إذا اختلفا فيه تحالفا فكذلك في الذرعان ونأخذ بالقياس لقوة جانب القياس والاستحسان قياسان فأيهما كان أثره أقوى يؤخذ به ولم يذكر هذا القياس والاستحسان عند الاختلاف في صفة الجودة والرداءة لتحقق المغايرة بينهما والجيد غير الردى إذا كان دينا ولا يتحقق مثل تلك المغايرة هنا فالطويل من الثوب قد يصير قصيرا بقطع بعضه والقصير قد يزاد فيه فيصير طويلا فلهذا ذكر القياس والاستحسان هنا ولم يذكر ثمنه .
( قال ) ( وإذا اختلفا في السلم أو في رأس المال ولم يقبضه ولم يتفرقا ) فالحاصل أن هذه ثلاثة فصول ( أحدها ) أن يكون الاختلاف في رأس المال وهو على وجهين إما أن يكون عينا