يطلبا وليس للقاضي ذلك يقرره أنه لا مقصود للمطلوب في هذة البينة إثباتا لأن حقه في رأس المال وهو سالم له ولا مؤنة عليه في ما في ذمته حنطة كان أو شعيرا فإنما مقصوده نفي بينة الطالب فرجحنا بينة الطالب للإثبات بخلاف بيع العين فالبائع هناك ببينته يثبت إزالة العين عن ملكه ليسقط مؤنته عن نفسه بالتسليم إلى المشتري فكان هو مثبتا كالمشتري فلهذا قضينا بالعقدين ثم نص على الخلاف فيما إذا اختلفا في جنس المسلم فيه ولم يذكر ذلك فيما إذا اختلفا في صفته .
ومن أصحابنا رحمهم الله تعالى من قال هو على الخلاف أيضا ومنهم من فرق لمحمد بينهما فقال باختلافهما في الصفة لا يتحقق الخلاف في العقد ألا ترى أنه قد يسلم في الجيد ويأخذ مكانه رديئا .
ويجوز أن يسلم في الرديء فيعطيه مكانه جيدا فعرفنا أن باختلاف الصفة لا يختلف العقد فلا يمكن القضاء هناك بالعقدين بخلاف الجنس فإن بالسلم بالحنطة لا يجوز أخذ الشعير فكان الاختلاف في ذلك اختلافا في العقد وقد أثبت كل واحد منهما ما ادعي من العقد بالبينة فيقضي بالعقدين فإن لم يكن لهما بينة وتحالفا فسخ القاضي العقد بينهما إذا طلب ذلك أحدهما قطعا للمنازعة لما في امتدادها من الفساد ودفع الضرر عن كل واحد منهما .
بإعادة رأس ماله إليه وقد بينا في باب اللعان أنه يفرق بينهما بعد التلاعن من غير طلبهما لأن حرمة الاجتماع بين المتلاعنين ما داما مصرين حق الشرع فلا يتوقف التفريق على طلبهما أو طلب أحدهما وهنا فسخ العقد حقهما فيتوقف على طلبهما أو طلب أحدهما .
( قال ) ( فإن لم يختلفا في المسلم فيه ولكن اختلفا في مكان الإيفاء ) فقال الطالب شرطت لي مكان كذا وكذا وقال المطلوب بل مكان كذا وكذا فإن أقام البينة فالبينة بينة الطالب .
وإن لم يكن لهما بينة فالقول قول المطلوب مع يمينه وهذا قول أبي حنيفة رضي الله عنه وإن لم ينص عليه في الكتاب .
وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يتحالفان ويتردان السلم وقيل هذا الاختلاف على القلب فإن من مذهب أبي حنيفة أن بيان مكان الإيفاء شرط كالصفة فلا بد من ذكره فالاختلاف فيه يوجب التحالف عنده وعندهما ليس بمنزلة الصفة بل هو زائد لا يحتاج إلى ذكره .
والأصح أن الخلاف في موضعه فإن عندهما متعين مكان الإيفاء موجب العقد ولهذا لا يحتاج إلى ذكره بل يتعين موضع العقد للإيفاء والاختلاف في موجب العقد يوجب التحالف وعند أبي حنيفة هو موجب بالشرط كالأجل والاختلاف فيه لا يوجب التحالف .
ثم وجه قولهما أن المالية فيما له حمل ومؤنة تختلف باختلاف الأمكنة فالاختلاف فيه كالاختلاف في