وذكر الحسن عن زفر رحمهما الله تعالى أنه لا يجوز فعلى رواية بن شجاع قال كل دين لا يجوز قبضه في المجلس ويجوز التأجيل فيه فأخذ الرهن والكفيل به صحيح للتوثيق والمسلم فيه بهذه الصفة بخلاف رأس المال وبدل الصرف .
وعلى الرواية الأخرى قال كل دين لا يجوز الاستبدال به قبل القبض فأخذ الرهن والكفيل به لا يجوز لأن في الكفالة إقامة ذمة الكفيل مقام ذمة الأصيل فيكون في معنى الاستبدال من حيث المحل والحوالة كذلك وفي الرهن يصير مستوفيا بالهلاك والرهن ليس من جنس الدين فكان هذا استبدالا فعلى هذا لا يجوز الرهن بالمسلم فيه ورأس المال وبدل الصرف .
وحجتنا في ذلك ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه اشترى من يهودي طعاما نسيئة ورهنه درعه وشراء الطعام نسيئة يكون سلما وقد روى عن بن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه جوز الرهن بالسلم واستدل فيه بقوله تعالى ! < يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين > ! 282 إلى قوله تعالى ! < فرهان مقبوضة > ! 283 والمعنى فيه أن عند هلاك الرهن يصير مستوفيا عين حقه لا مستبدلا فإن عين الرهن لا تكون مملوكة للمرتهن ولهذا لو كان الرهن عبدا فمات كان كفنه على الراهن وإنما يصير مستوفيا دينه من ماليته والأعيان باعتبار صفة المالية جنس واحد ولهذا لو ارتهن أحد الشريكين بنصيبه من الدين فهلك الرهن يرجع شريكه عليه بنصف نصيبه من الدين وإذا ثبت أنه استيفاء لا استبدال جاز الرهن بكل دين يجب استيفاؤه وفي الحوالة والكفالة لا شك فإن المستوفي من الكفيل والمحتال عليه كالمستوفي من الأصيل في أنه عين حق الطالب لا بدله .
( قال ) ( وإذا أسلم في شيء من الثياب واشترط طوله وعرضه بذراع رجل معروف لم يجز كما في المكيل إذا عين المكيال ) وهذا لأن مقدار المسلم فيه بالذراع المعروف وربما يموت ذلك الرجل فيتعذر تسليم المسلم فيه إذا حل الأجل وإذا اشترط كذا وكذا ذراعا فهو جائز وله ذراع وسط لأن مطلق التسمية تنصرف إلى المتعارف كمطلق تسمية الدراهم في الشراء تنصرف إلى نقد البلد والمتعارف الذراع الوسط ويسمى المكسرة وسمى لذلك لأنه كسره من ذراع قبضة الملك وإن الذراع الوسط سبع قبضات وهي تسع مسببات ومعرفة هذا في كتاب العشر والخراج .
( قال ) ( وإذا أسلم في الحرير وزنا ولم يشترط الطول والعرض لم يجز ) لأن المالية لا تصير معلومة إلا ببيان الطول والعرض في الثياب ولأنه لو جاز هذا لكان يأتيه بقطاع الحرير بذلك الوزن الذي سمى فيجبر على أخذه ونحن نعلم أنه لم يقصد ذلك فلهذا لا يجوز ما لم يبين