الابتداء لو اختار المشاركة معه كان صاحب الثوب بالخيار بين أن يعطيه خمسة وعشرين درهما وبين أن يعطيه نصف الثوب لأن من حجته أن يقول مبنى الصلح على التجوز بدون الحق إنما توصلت إلى نصيبي لأني رضيت بدون حقي بخلاف ما إذا اشترى بنصيبه ثوبا وهذا فرق معروف في كتاب الصلح وكذلك لو كان بالسلم كفيل فصالح أحد صاحب السلم مع الكفيل على رأس ماله فهو كالصلح مع الأصيل على الخلاف الذي بينا .
( قال ) ( وإذا أسلم الرجل إلى رجل دراهم في طعام ثم صالحه على رأس ماله ثم أراد أن يشتري برأس ماله شيئا قبل أن يقبضه ) في القياس له ذلك وهو قول زفر لأن عقد السلم ارتفع بالفسخ بقي رأس المال في ذمته بحكم القبض لا بحكم العقد وهو دين لا يستحق قبضه في المجلس فيجوز الاستبدال به كسائر الديون ألا ترى أن السلم لو كان فاسدا كان له أن يستبدل برأس المال قبل الاسترداد لهذا المعنى .
واستحسن علماؤنا رحمهم الله فقالوا لا يجوز ذلك لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا أسلمت في شيء فلا تصرفه في غيره فلو جوزنا هذا كان صارفا حقه من طعام السلم إلى شيء آخر بهذا الطريق وفي الحديث المعروف لا تأخذ إلا سلمك أو رأس مالك وبهذا الطريق نأخذ شيئا آخر غير رأس المال وغير المسلم فيه وذلك غير جائز ثم حال رب السلم مع المسلم إليه بعد الفسخ كحال المسلم إليه مع رب السلم حال قيام العقد قبل قبض رأس المال فكما لا يجوز الاستبدال هناك فكذلك لا يجوز هنا وبه فارق السلم الفاسد من الأصيل لأنه ما كان موجبا تسليم رأس المال ليعتبر الانتهاء بالابتداء وهنا العقد كان موجبا تسليم رأس المال فاعتبرنا حال الفسخ بحال العقد في المنع من الاستبدال .
( قال ) ( وإذا أسلم دراهم ودنانير في طعام وقد علم وزن أحدهما ولم يعلم وزن الآخر فلا خير فيه ) عند أبي حنيفة .
وجائز عندهما لأن إعلام قدر رأس المال عندهما ليس بشرط والإشارة إلى العين تكفي .
وعند أبي حنيفة إعلام القدر فيما يتعلق العقد على قدره شرط فإذا لم يعلم وزن أحدهما بطل العقد في حصته لانعدام شرط الجواز فيبطل في حصة الآخر أيضا لاتحاد الصفقة أو لجهالة حصة الآخر والسلم في المجهول لا يصح ابتداء .
( قال ) ( وإذا أسلم عشرة دراهم في ثوبين أحدهما هروي والآخر مروي فما لم تتبين حصة كل واحد منهما من رأس المال لا يجوز العقد ) عند أبي حنيفة كما في الحنطة والشعير لأن الانقسام باعتبار القيمة وطريق معرفته الحرز فلا يتيقن بحصة كل واحد من الثوبين إلا بالقسمة وإن كانا موصوفين بصفة واحدة ففي القياس كذلك لأن الثياب