أبي حنيفة الثلث كثير فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لسعد رضي الله تعالى عنه والثلث كثير فإذا وجد الثلث زيوفا فرده يبطل العقد بقدره .
ووجه هذه الرواية أن قلة الشيء وكثرته تتبين بالمقابلة فإن العشرة بمقابلة الدرهم كثيرة وبمقابلة المائة قليلة .
فإذا كانت الزيوف دون النصف قلنا إذا قوبلت الزيوف بالجياد فالزيوف قليلة .
وإن كانت أكثر من النصف فهي كثيرة عند المقابلة بالجياد .
فإذا كان النصف سواء .
ففي رواية كتاب البيوع قال هذا كثير لا يقابله ما هو أكثر منه لتتبين قلته بالمقابلة .
وفي كتاب الصرف قال الشرط كثرة المردود ولا تتبين كثرته إذا لم يكن ما يقابله أقل منه وقد كان العقد صحيحا في الكل فلا تنتقض بالشك وكذلك حكم الصرف في جميع ما ذكرنا .
( قال ) ( رجل أسلم إلى رجل في طعام وأخذ منه كفيلا بالمسلم فيه ثم صالح الكفيل على رأس ماله وذلك دين ) فالصلح موقوف على إجازة المسلم إليه في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى فإن اختار رد رأس المال جاز وإن رد الصلح بطل واسترد الكفيل دراهمه وطالب رب السلم بطعام السلم أيهما شاء .
وعند أبي يوسف الصلح جائز بين الكفيل ورب السلم ويرجع الكفيل على المسلم إليه بطعام السلم وهذا إذا كان رأس المال دراهم أو دنانير فإن كان رأس المال عروضا لا يجوز الصلح بالاتفاق لأنه إذا كان رأس المال ثوبا فإما أن يصح الصلح عن ذلك الثوب بعينه وهو باطل لأنه ملك المسلم إليه فلا يكون الكفيل قادرا على تسليمه وإما أن يصح على ثوب غيره وهو باطل أيضا لأنه يكون استبدالا برأس المال وكذلك الصلح على قيمة ذلك الثوب يكون استبدالا فلا يجوز فأما إذا كان رأس المال دراهم أو دنانير فالخلاف فيه يتحقق .
وجه قول أبي يوسف وهو أن صلح الكفيل عن المسلم فيه على رأس المال كالصلح عن سائر الديون على أي بدل كان بدليل جواز ذلك من الأصل ثم الكفيل في سائر الديون لو صالح على بدل جاز صلحه ورجع على المكفول عنه بما كفل عنه فكذلك الكفيل بالسلم إذا صالح على رأس المال وهذا لأن الكفيل مطلوب بالمسلم فيه كالأصيل إذا كان قادرا على تسليم رأس المال إليه وبهذا فارق ما لو كان رأس المال عينا في يد المسلم إليه لأن الكفيل لا يقدر على تسليمه ولو صالح على قيمته كان مستبدلا لا مستردا لرأس المال ولا يقال في هذا الصلح تمليك طعام السلم من الكفيل لأن تمليك الدين من غير من عليه الدين في سائر الديون لا يجوز الصلح أيضا ثم جاز الصلح مع الكفيل في سائر الديون عرفنا أنه ليس بتمليك الدين ولكن يعقد الكفالة كما وجب للطالب على الكفيل