والكياسة وفيه يقول القائل رب واحد يعدل ألفا زائدا وألوف تراهم لا يساوون واحدا وكما أن العين مقصود فالمالية أيضا مقصودة بل أكثر لأن المقصود هو الاسترباح وذلك بالمالية يكون فإذا كان الحيوان بذكر الأوصاف لا يلتحق بذوات الأمثال في معنى المالية قلنا لا يجوز السلم فيها بخلاف الثياب فإنها مصنوع بني آدم فما لم يكن معلوما لهم لا يتمكنون من اتخاذها والثياب إذا نسجت في منوال واحد على هيئة واحدة لا تتفاوت في المالية إلا يسيرا ولا معتبر بذلك القدر كالتفاوت بين الجيد والردي في الحنطة في المالية فأما الحيوان مصنوع الله تعالى وذلك يكون على ما يريده فقد يكون على وجه لا نظير له ولو بالغ فاستقصى في بيان وصفه يصير عديم النظير وذلك لا يجوز السلم فيه بالاتفاق .
ويوضحه أن أقرب الحيوانات إلى الثياب الغنم وما هو المقصود من الغنم غير مرئي بل هو تحت الجلد ويقع فيه تفاوت عظيم وما هو المقصود في الثياب ظاهر مرئي وقد ذكر عمرو بن أبي عمرو عن محمد رحمهما الله تعالى قال قلت له إنما لا يجوز السلم في الحيوان لأنه غير مضبوط بالوصف .
( قال ) ( لا فإنا نجوز السلم في الذبائح ولا نجوز في العصافير ) ولعل ضبط العصافير بالوصف أهون من ضبط الذبائح ولكنه للسنة وإنما ذكر الله تعالى لبني إسرائيل الأوصاف الظاهرة وذلك يمكن إعلامه عندنا ثم كان المقصود التشديد عليهم لما استقصوا في الاستيصاف هكذا قاله بن عباس رضي الله عنه وإنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاستيصاف لخوف الفتنة وذلك يقع بالأوصاف الظاهرة وكذلك سماع الدعوى والشهادة لأن الأوصاف الظاهرة منها تصير معلومة وثبوته في الذمة مهرا لكون النكاح مبنيا على التوسع فإن المقصود به شيء آخر سوى المالية بخلاف السلم ولهذا يجوز من غير بيان الوصف هناك .
( قال ) ( ولا بأس بالسلم في الثياب كلها بعد أن يشترط ضربا معلوما وطولا وعرضا بذراع معلوم وأجلا وصفة معلومة ) لأن مقدار المالية بذكر هذه الأوصاف يصير معلوما عادة والتفاوت الذي يقع بعد هذا يسير واليسير من التفاوت غير معتبر لأنه لا يتمكن بسببه منازعة مانعة من التسليم والتسلم ولا يشترط الوزن بخلاف الحرير فإنه إذا أسلم في الحرير ينبغي أن يشترط الوزن لأن قيمة الحرير تختلف باختلاف الوزن وينبغي أن يشترط الطول والعرض مع الوزن لأن المسلم إليه ربما يأتي وقت حلول الأجل يقطع الحرير بذلك الوزن ونحن نعلم يقينا أنه