بأن يكون مبيعا مضبوطا بالوصف حتى إذا أسلم الحنطة في الذهب والفضة لا يجوز عندنا .
وللشافعي قول في القديم أن ذلك يجوز بناء على مذهبه أن النقد يصلح أن يكون مبيعا حتى يتعين بالتعين .
فأما عند الذهب والفضة لا يصلح أن يكون مبيعا حتى يتعين بالتعيين والمسلم فيه مبيع فإذا لم يكن هذا أسلما .
قال عيسى بن إبان يكون هذا عقدا باطلا وكان أبو بكر الأعمش يقول أنه بيع الحنطة بدراهم مؤجلة فيكون صحيحا لأن تحصيل مقصود المتعاقدين بحسب الإمكان واجب وقد قصدا مبادلة الحنطة بالدراهم مؤجلة وما ذكره عيسى أصح لأن المعقود عليه في السلم المسلم فيه فإنما يشتغل بتصحيح العقد في المحل الذي أوجبنا العقد فيه وذلك غير ممكن ولا وجه لتصحيحه في محل آخر لأنهما لم يوجبا العقد فيه وقوله وأسلم ما يوزن فيما يكال مجرى على ظاهره فإن إسلام المكيل في الموزون جائز على كل حال لانعدام الوصفين جميعا إذ الاتفاق بين البدلين في الجنس ولا في القدر والموزون غير المكيل وقوله ولا تسلم ما يوزن فيما يوزن غير مجرى على ظاهره أيضا بل المراد إذا كانا متفقين في المعنى بأن كانا مثمنين كالزعفران مع القطن فأما إذا كان مختلفين في المعنى فذلك جائز كما لو أسلم النقود في الزعفران أو الحديد أو القطن فإنه يجوز .
والعراقيون من مشايخنا رحمهم الله تعالى يقولون الجواز للحاجة لأن رأس المال يكون من النقود عادة والحاجة تمس إلى إسلامها في الموزونات والمكيلات جميعا .
ولكن هذا كلام من يجوز تخصيص العلل الشرعية ولسنا نقول به بل نقول اتفاقهما في الوزن صورة لا معنى وحكما فإن الوزن في النقود ليس نظير الوزن في الزعفران فإن الزعفران يوزن بالأمناء ويكون مثمنا يتعين في العقود والنقد يوزن بالصنجات ويكون ثمنا لا يتعين في العقد .
ومن حيث الحكم صفة الوزن يلزم في الزعفران حتى لو اشترى زعفرانا بشرط الوزن ليس له أن يتصرف فيه قبل أن يزنه ولا يلزم في النقود حتى لو باع شيئا بدرهم بشرط الوزن كان له أن يتصرف فيه قبل أن يزنه فما كان هذا إلا نظير الموزون مع المكيل فإنهما استويا من حيث إن كل واحد منهما مقدر صورة ولكن لما اختلفا في المعنى والحكم جوز إسلام أحدهما في الآخر فكذلك النقود مع سائر الموزونات .
وقوله ( ولا ما يكال فيما يكال ) مجرى على ظاهره فإن إسلام المكيل في المكيل لا يجوز بحال لاتفاقهما في قدر واحد .
وقوله ( وإذا اختلفا النوعان مما لا يكال ولا يوزن فلا بأس به واحدا باثنين يدا بيد ) هذا مجرى على ظاهره لانعدام