عما عليه مقتضى اللغة وأنه ليس المراد من الربا الزيادة فإنه ليس في السلم في السن زيادة خالية عن العوض وقد جعله من الربا الذي لا يكاد يخفى على أحد ولئن كان المراد الزيادة فإنما أراد فضلا قائما في الذات لأن المطعوم إذا قوبل بجنسه لا يتساويان في الطعم إلا نادرا ولا ينبني الحكم عن النادر فذلك الفضل القائم في الذات حرام وربا إلا أنه سقط اعتباره شرعا بالمساواة في القدر تيسيرا على الناس فتبين بهذا أن الحرمة أصل أيضا وفي ذكر الطعام ما يدل على أن العلة هي الطعم لأن الطعام اسم مشتق منه معنى والحكم إذا علق باسم مشتق من معنى فالمعنى الذي اشتق منه الاسم هو العلة للحكم كما في قوله تعالى ! < الزانية والزاني > ! 2 وفي قوله تعالى ! < والسارق والسارقة > ! 38 .
ومن حيث الاستدلال وهو أن الشرع شرط لجواز البيع في هذه الأموال شرطين المساواة واليد باليد فعرفنا أن الموجب لهذين الشرطين معنى في المحل ينبئ عن زيادة شرطين الولي والشهود كان ذلك دليلا على أن الموجب للشرطين معنى في المحل ينبئ عن زيادة خطر وهو أن المستحق به ما في حكم النفوس ثم هنا المعنى ينبئ عن الخطر في الذهب والفضة الثمنية لأنهما خلقا لذلك وبالثمنية حياة الأموال .
والمعنى أن الذي ينبئ عن زيادة الخطر في الأشياء الأربعة الطعم لأن بالطعم حياة النفوس فعرفنا أن العلة الموجبة لهذين الشرطين الطعم والثمنية ولهذا جعلنا الجنسية شرطا لا علة لأن الحكم يدور مع الشرط وجودا وعدما كما يدور مع العلة والفرق بينهما بالتأثير فإذا لم يكن في الجنسية ما ينبئ عن زيادة الخطر ولا يثبت الحكم إلا عند وجوده جعلناه شرطا لا علة وبهذا تبين فساد التعليل بالقدر فإنه لا ينبئ عن زيادة خطر في المحل لأن الجص شيء هين يكال فلا يتعلق به حياة نفس ولا مال إنما هو معد لتزين البناء ولأن الشرع ذكر عند بيان حكم الربا جميع الأثمان وهي الذهب والفضة .
وذكر من المطعومات أنفس كل نوع فالحنطة أنفس مطعوم بني آدم والشعير أنفس علف الدواب والتمر أنفس الفواكه والملح أنفس التوابل فلما أراد المبالغة في بيان حكم الربا ولم يمكنه ذكر جميع المطعومات نص من كل نوع على أعلاه ليبين بذلك أن العلة هي الطعم .
فأما إذا جعل العلة القدر يتمحض ذكر هذه الأشياء تكرارا لأن صفة القدر لا تختلف في الأشياء الأربعة وحمل كلام صاحب الشرع على ما يفيد أولى ولهذا قال مالك العلة الاقتيات لأنه خص بالذكر كل مقتات مدخر .
وقال بن سيرين العلة تقارب المنفعة لوجود ذلك في الأشياء المذكورة فإن الحنطة مع الشعير تتقارب في المنفعة