بسلعة ثم اشتريت بسلعتك تمرا ثم قال صلى الله عليه وسلم وكذلك الميزان يعني ما يوزن بالميزان فتبين بهذه الأثار قيام الدليل على تعدية الحكم من الأشياء الستة لا غيرها وهذا بخلاف قوله صلى الله عليه وسلم خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم ثم لم يجوز قياس ما سوى هذا الخمس على الخمس لأن التعليل لتعدية حكم النص إلى غير المنصوص لإبطال المنصوص وقد نص في ذلك الحديث على أن الفواسق خمس فلو اشتغلنا بالتعليل كان أكثر من خمس فيكون إبطالا للمنصوص وهنا ليس في الحديث أن مال الربا ستة أشياء ولكن ذكر حكم الربا في الأشياء الستة فالاشتغال بالتعليل لا يؤدي إلى إبطال المنصوص عليه فلهذا جوزنا ذلك .
وفائدة تخصيص هذه الأشياء بالذكر أن عامة المعاملات يومئذ كان بها على ما جاء في الحديث كنا نتبايع في الأسواق بالأوساق والمراد به ما يدخل تحت الوسق مما يكثر الحاجة إليه وهي الأشياء المذكورة ثم اختلفوا بعد ذلك في المعنى الذي يتعدى الحكم به إلى سائر الأموال .
قال علماؤنا رحمهم الله تعالى الجنسية والقدر عرفت الجنسية بقوله صلى الله عليه وسلم الذهب بالذهب والحنطة بالحنطة .
والقدر بقوله صلى الله عليه وسلم مثل بمثل ويعني بالقدر الكيل فيما يكال والوزن فيما يوزن .
وظن بعض أصحابنا رحمهم الله تعالى أن العلة مع الجنس الفضل على القدر وذلك محكي عن الكرخي ولكنه ليس بقوي فإنه لا يجوز إسلام قفيز حنطة في قفيز شعير ولا تثبت حرمة النساء إلا بوجود أحد الوصفين ولو كانت العلة هي الفضل لما حرم النساء هنا لانعدام الفضل فعرفنا أن العلة نفس القدر مع الجنس .
وقال مالك رضي الله عنه العلة الاقتيات والادخار مع الجنس .
وقال بن سيرين تقارن المنفعة مع الجنس .
وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه في القديم العلة في الأشياء الأربعة الكيل والطعم .
وقال في الجديد العلة هي الطعم وفي الذهب والفضة العلة الثمنية وهو أنهما جوهر الأثمان والجنسية عنده شرط لا تعمل العلة إلا عند وجودها ولهذا لا يجعل للجنسية أثرا في تحريم النساء .
فحاصل المسألة أن بيع كل مكيل أو موزون بجنسه لا يجوز عندنا إلا بعد وجود المخلص وهو المماثلة في القدر وأن يكون عينا بعين .
وعنده بيع كل مطعوم بجنسه وكل ثمن بجنسه حرام إلا عند وجود المخلص وهو المساواة في المعيار الشرعي وأن يكون قبضا بقبض في المجلس .
والحاصل أن حرمة البيع في هذه الأموال أصل عنده والجواز يعارض المساواة في المعيار مع القبض في المجلس وعندنا إباحة البيع في هذه الأموال أصل كما في سائر الأموال والفساد يعارض