فالرجوع فيه صحيح ولا سبيل لغرماء الموهوب له وورثته بعد موته على الواهب .
لأن الواهب يستحقه بحق سابق له على حقهم وإن كان ذلك بغير قضاء قاض كان رد المريض لها حين طلب الواهب فيها بمنزلة هبة جديدة من المريض فيكون من الثلث إن لم يكن عليه دين وإن كان عليه دين يحيط بماله أبطل ذلك الرجوع وردت الهبة إلى تركة الميت وقد تقدم بيان ما في هذه المسألة من اختلاف الروايات والقياس والاستحسان .
ووجهه أنه بالرد باختياره ورضاه قصد إبطال حق الغرماء والورثة عنه بعد تعلق حقهم به .
يوضحه أن حق الواهب في الرجوع ضعيف حتى يتمكن الموهوب له من إسقاطه بتصرفه فإذا اتصل قضاء القاضي به يقوي فيقدم على حق غرماء الموهوب له وورثته لقوته وإذا لم يتصل به القضاء يقدم حق الغرماء والورثة على حقه لقوة حقهم وضعف حق الواهب .
( قال ) ( مريض له عبد يساوي خمسة آلاف درهم وهبه لرجل وقبضه الموهوب له ولا مال له غيره ثم أن العبد قتل المريض خطأ فإنه يقال للموهوب له ادفعه أو افده ) لما بينا أنه مالك للعبد حين جنى فإن اختار الدفع فقد بينا التخريج وإن اختار الفداء فداه بالدية وسلم له العبد كله لأن الدية بدل نفس الواهب بمنزلة مال خلفه فتبين به أن مال خمسة عشر ألفا وقيمة العبد خمسة آلاف فهو خارج من ثلثه فلهذا تنفذ الهبة في جميعه وإذا ظهر نفوذ الهبة في جميع العبد ظهر أن على الموهوب له دية كاملة للورثة باختياره فإن كان يساوي ستة آلاف درهم واختار الفداء فإنه يرد على ورثة الواهب ربعه ويفدي ما بقي بثلاثة أرباع الدية وذكر محمد في كتاب الدور طريقا في تخرج هذا الجنس من المسائل هو أسهل الطرق .
( قال ) ( ولو كان للواهب سوى ألفي درهم كانت الهبة صحيحة في جميع العبد ) لأن اختيار الفداء يؤدى الدية عشرة آلاف درهم فيسلم ذلك للورثة مع الألفين فيكون اثني عشر ألفا وقد نفذ بالهبة في العبد وهو يساوي ستة آلاف فيسلم للورثة ضعف ما نفذنا فيه الهبة فإذا عدمنا الألفين تعذر علينا تنفيذ الهبة في جميع العبد فالسبيل أن يضم ما عدمنا وهو الألفان إلى قيمة العبد وهو ستة آلاف ثم يبطل من الهبة بقدر ما عدمنا وتجوز بقدر الموجود والذي عدمنا من الجملة مقدار الربع فتبطل الهبة في ربع العبد ويجوز هنا وقيمة ذلك أربعة آلاف وخمسمائة ثم يفدي ذلك بثلاثة أرباع الدية وذلك سبعة آلاف وخمسمائة فيسلم ذلك للورثة مع ربع العبد وقيمته ألف وخمسمائة وجملة ذلك تسعة آلاف وقد نفذنا الهبة في نصف ذلك أربعة