ذلك شيوعا طارئا ولا أثر للشيوع الطارئ في الهبة .
والدليل عليه أن بالرد بالتراضي يعود الملك إلى الواهب قبل القبض وابتداء الهبة لا يوجب الملك إلا بالقبض وهو الدليل على أن الشيوع لا يمنع منه لأن تأثير الشيوع في المنع من إتمام القبض فلا يؤثر فيما لا يشترط فيه القبض .
( قال ) ( فإن وهب لمكاتب رجل هبة ثم عتق المكاتب أو عجز فله أن يرجع في الهبة في قول أبي يوسف ) وقال محمد فله أن يرجع فيها إذ أعتق وليس له أن يرجع فيها إذا عجز فلا خلاف إن قبل العتق والعجز له أن يرجع فيها .
وفيه نوع إشكال فالمكاتب فقير والهبة من الفقير صدقة ولا رجوع فيها .
( قال ) ( ولكنا نقول المكاتب فقير ملكا ولكنه غني يدا وكسبا فالهبة منه لا تنفك عن قصد العوض إما بمنافعه أو كسبه كالهبة من العبد فله أن يرجع فيها إذا لم ينل العوض وكذلك بعد العتق ) لأن حق الرجوع ثبت له في ملك المكاتب فقد تقرر ذلك بعتقه فأما إذا عجز فالأصل عند أبي يوسف إن عجز المكاتب يقرر ملك المولى في كسبه كما أن عتقه يقرر ملكه لأن لكل واحد منهما حق الملك في الكسب وعند محمد عجز المكاتب ناقل للملك من كسبه إلى مولاه بمنزلة موت الحر فكما أن موت الحر الموهوب له يقطع حق الواهب في الرجوع فكذلك عجز المكاتب .
والدليل على الفرق أن المكاتب إذا استبرأ جارية محيضة ثم عتق فليس عليه فيها استبراء جديد ولو عجز كان على المولى أن يستبرئها وسنقرر هذا الأصل في كتاب الإجارات إن شاء الله تعالى .
( قال ) ( فإن كان المكاتب أخ الواهب لم يرجع فيها في حال قيام الكتابة ولا بعد عتقه ) لأن الحق للمكاتب والمانع من الرجوع وهو الأخوة بينهما قائم وبعد العجز كذلك عند محمد رحمه الله تعالى وعند أبي يوسف يرجع فيها بعد العجز لأنه يقرر الملك للمولى والمولى أجنبي عنه وقد بينا أنه لو وهب لأخيه وهو عبد كان له أن يرجع فيها والمكاتب بعد العجز بمنزلة العبد وكان أبو يوسف يعتبر معنى قطيعة الرحم بسبب المنازعة في الرجوع فيقول قبل العجز خصومته في الرجوع مع المكاتب فيؤدي إلى قطيعة الرحم وبعد العجز خصومته مع المولى وليس فيه قطيعة الرحم ولأن هبته تنفك عن قصد العوض ما دام الحق فيها لقريبه فإذا تقرر الحق لأجنبي لم ينفك عن قصد العوض .
( قال ) ( رجل وهب لرجل أرضا فبنى فيها الموهوب له ثم أراد الرجوع فيها وخاصمه إلى القاضي فقال له القاضي ليس لك أن ترجع فيها ثم هدمها الموهوب له فعادت كما كانت فللواهب أن يرجع فيها لزوال المانع وهو البناء ) وفرق بين هذا وبين ما إذا اشترى عبدا على أنه بالخيار ثلاثة أيام فحم العبد في الأيام