إلى أجنبي بهبة أو غيرها أو زادت عنده خيرا فلا رجوع فيها للواهب ) وقد بينا هذه الموانع والفرق بين زيادة العين وزيادة السعر وبين الزيادة في البدن والنقصان في حكم الرجوع .
( قال ) ( وإن كانت الهبة دارا أو أرضا فبنى في طائفة منها أو غرس شجرا أو كانت جارية صغيرة فكبرت وازدادت خيرا أو كان غلاما فصار رجلا فلا رجوع له في شيء من ذلك ) .
وقال بن أبي ليلى له أن يرجع في جميع ذلك لأن حق الرجوع كان ثابتا في الأصل فيثبت في البيع فإن ثبوت الحكم في البيع بثبوته في الأصل ولا يجوز أن يبطل الحكم الثابت في الأصل بسبب المنع .
ولكنا نقول حق الرجوع للواهب مقصور على الموهوب بعينه فلا يثبت فيما ليس بموهوب تبعا كان أو أصلا وهنا الحق في الأصل ضعيف وحق صاحب الزيادة في الزيادة قوي فإذا تعذر التمييز بينهما رجحنا أقوي الحقين وجعلنا الضعيف مرفوعا بالقوي والبناء في بعض الأرض كالبناء في جميعها لأن البناء في جانب من الأرض يعد زيادة في جميع الأرض .
ألا ترى أنه يزداد به مالية الكل وهذا إذا كان ما بني بحيث يعد زيادة فإن كان لا يعد زيادة كالآري أو يعد نقصانا كالتنور في الكاشانة فإنه لا يمنع الرجوع لانعدام المانع وهو زيادة مالية الموهوب بزيادة في عينه .
( قال ) ( وإن كانت الهبة دارا فهدم بناءها كان له أن يرجع في الأرض ) وكذلك في غير الدار إذا استهلك بعض الهبة ببيع أو غيره وبقي بعضها كان له أن يرجع في الباقي اعتبارا للبعض بالكل وهذا لأن ما فعله من هدم البناء نقصان في الأرض وليس بزيادة .
( قال ) ( وإن كانت الهبة ثوبا فصبغه أحمر أو أصفر وخاطه لم يكن له أن يرجع فيه ) لأن ما فعله زيادة وصف قائم في العين ولو قطعه ولم يخطه فله أن يرجع فيه لأن القطع قبل الخياطة نقصان .
ولم يذكر ما لو صبغه أسود .
( والجواب ) أن عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى له أن يرجع فيه لأن السواد عنده نقصان .
وعندهما ليس له أن يرجع وقد بينا المسألة في كتاب الغصب .
( قال ) ( وإذا وهب دينا له عليه فقبله لم يكن له أن يرجع فيه ) لأنه سقط عنه فإنه قابض للدين بذمته فيملك بالقبول ومن ملك دينا عليه سقط ذلك عنه والساقط يكون متلاشيا فلا يتحقق الرجوع فيه كما لو كان عينا فهلك عنده .
( قال ) ( فإن قال الموهوب له مكانها لا أقبلها فالدين عليه بحاله ) والحاصل أن هبة الدين ممن عليه الدين لا تتم إلا بالقبول والإبراء يتم من غير قبول ولكن للمديون حق الرد قبل موته إن شاء الله .
وعن زفر رحمه الله تعالى أنه يسوي بينهما وقال تتم الهبة والإبراء قبل القبول بناء على أصله أنه