العوض ) لأنه ملك مال الصغير بالتبرع ابتداء وليس للأب ذلك في مال الولد وقد بينا أن المعوض كالواهب ابتداء وإذا لم يسلم العوض للواهب فله أن يرجع في هبته كما قبل التعويض .
( قال ) ( وإذا تصدق الموهوب له على الواهب بصدقة أو نحلة أو أعمره فقال هذا عوض من هبتك فهو عوض ) لأن المقصود قد حصل ولا معتبر لاختلاف العبارة بعد حصول المقصود فبأي لفظ ملكه العوض أو أعلمه أنه عوض من هبته فهو عوض .
( قال ) ( رجل وهب لرجل عبدا على أن يعوضه عوضا يوما أو اتفقا على ذلك ولم يقبض واحد منهما حتى امتنع أحدهما منه فله ذلك فإن تقابضا جاز ذلك ) بمنزلة البيع وليس لواحد منهما أن يرجع فيه وهذا مذهبنا فإن الهبة بشرط العوض هبة ابتداء بيع انتهاء .
وقال زفر رحمه الله تعالى ابتداء وانتهاء بيع .
وفي أحد أقاويل الشافعي رضي الله عنه هو فاسد لأن هذا شرط يخالف مقتضى العقد فيكون مبطلا للعقد .
وبيانه أن عقد الهبة عقد تبرع واشتراط العوض فيه يخالف مقتضاه وزفر رحمه الله تعالى يقول هذا تمليك مال بمال شرطا وكان بيعا فاسدا ابتداء كما لو عقد بلفظ البيع أو التمليك وهذا لأن في العقود يعتبر المقصود وعليه ينبني الحكم .
ألا ترى أنه لو قال اشتريت منك كرا من حنطة صفتها كذا بهذا الثوب وبين شرائط السلم يكون سلما وإن لم يذكر لفظ السلم وأنه لو وهب ابنته من رجل كان نكاحا .
ولو وهب امرأته من نفسها كان طلاقا .
ولو وهب عبده من نفسه كان عتقا .
ولو وهب الدين ممن عليه كان إبراء فاللفظ واحد ثم اختلف العقد لاختلاف المقصود .
والدليل عليه أنه لو قال وهبت منك منفعة هذه الدار شهرا بعشرة دراهم يكون إجارة يلزم بنفسه .
وكذلك لو قال أعرتك والإعارة تمليك المنفعة بغير عوض فإذا شرط فيه البدل كان إجارة فكذلك الهبة تمليك الموهوب بغير عوض فإذا شرط العوض يكون بيعا والدليل عليه أن المكره على الهبة بشرط العوض لو باع كان مكرها وكذلك المكره على البيع والتسليم إذا وهب بشرط العوض ولو لم يكونا في الحكم سواء لم يكن المكره على أحدهما مكرها على الآخر .
وحجتنا في ذلك أن هذا تمليك المال بلفظ يخالف ظاهره معناه فيكون ابتداؤه معتبرا بلفظه وانتهاؤه معتبرا بمعناه كالهبة في المرض فإن ظاهره تمليك في الحال بطريق التبرع ومعناه معنى الوصية فيعتبر ابتداؤه بلفظه حتى يبطل بعدم القبض ولا يتم مع الشيوع فيما يحتمل القسمة وانتهاؤه معتبر بمعناه حتى يكون من الثلث بعد الدين وهذا لأن الألفاظ قوالب المعاني فلا يجوز إلغاء اللفظ وإن وجب