تمكن الخلل في رضاه فيجعل كما لو قبض الواهب بغير رضاه وهلك في يده فعليه ضمان القيمة ولأن الواهب عاد له في هبة المستحق ولولا ذلك ما عوضه وللمغرور أن يدفع الغرر عن نفسه بالرجوع على الغار بما لحقه من الخسران .
يوضحه أن التعويض لا يكون إلا مضافا إلى الهبة والتمليك مضافا إلى بدل مستحق يكون فاسدا فتبين أن الواهب قبضه لنفسه بسبب فاسد وكان مستحق الرد عليه عند قيامه مضمونا بالقيمة بعد هلاكه وإن استحق العوض كان للواهب أن يرجع في هبته إذا كانت قائمة بعينها لم تزدد خيرا لأن التعويض بطل بالاستحقاق من الأصل فظهر الحكم الذي كان قبل التعويض .
( قال ) ( وإن استحق نصف الهبة كان للمعوض أن يرجع في نصف العوض اعتبارا للجزء بالكل وإن استحق نصف العوض فليس للواهب أن يرجع في شيء من الهبة إلا أن يشاء أن يرد ما بقي من العوض ويرجع في الهبة فيكون له ذلك ) وقال زفر إذا استحق نصف العوض فله أن يرجع في نصف الهبة اعتبارا للجزء بالكل واعتبارا للعوض بالهبة فإنه لو استحق نصف الهبة كان له أن يرجع في نصف العوض فكذلك إذا استحق نصف العوض وهذا لأن كل واحد منهما يصير مقابلا بالآخر في حكم سلامته لصاحبه فهو كبيع العوض بالعوض إذا استحق نصف أحدهما يكون للمستحق عليه أن يرجع على صاحبه بنصف ما يقابله .
وجه قولنا إن المستحق يخرج من أن يكون عوضا فيصير كأن لم يكن ولو كان عوضه في الابتداء نصف العبد لم يرجع في شيء من الهبة فكذلك هنا وهذا لأن ما بقي يصلح أن يكون عوضا عن الكل وإنما يتمكن الخلل في رضاء الواهب فكان تأثيره في إثبات الخيار له فإن شاء رد ما بقي ليدفع الضرر به عن نفسه وإن شاء أمسك ما بقي ولم يرجع بشيء .
( فإن قيل ) في الابتداء يجعل تمليك النصف عوضا له عن جميع الهبة فأما في الاستحقاق فهو قد يجعل تمليك الكل عوضا عن جميع الهبة فيكون ذلك تنصيصا منه على أن النصف عوض نصف الهبة فلا يجوز أن يجعل بالاستحقاق النصف عوضا عن الجميع .
( قلنا ) هذا مستقيم في المبادلات لأن البعض ينقسم على البعض لتحقق المقابلة وهذا ليس بمبادلة على سبيل المقابلة فلا يثبت هذا التقسيم في حقه ولكن كل جزء من آخر العوض يكون عوضا عن جميع الهبة فلا يكون له أن يرجع في شيء من الهبة مع سلامة جزء العوض له .
ثم الفرق بين استحقاق نصف العوض ونصف الهبة بهذا الحرف وهو أن المعوض ملك العوض إلا جزأ فيعتبر حكم المقابلة في حقه فإذا استحق نصف الهبة من يده رجع بنصف العوض فأما الواهب