تصدق بها في حياته في صحته كان ذلك من جميع ماله وإذا تصدق به في مرضه كان ذلك من ثلثه لأنه إزالة الملك بطريق التبرع .
ثم لا خلاف أنه لو قال تصدقت بأرضي هذه على الفقراء والمساكين أنه لا يكون وقفا بل يكون ذلك نذرا بالصدقة إذا قصد به الإلزام فإن عين إنسانا فهو تصدق عليه بطريق التمليك ولا يتم إلا بالتسليم ولو قال وقفت أرضي هذه أو حبستها أو حرمتها أو هي موقوفة أو محبوسة أو محرمة فهذا باطل بالاتفاق لأن كلامه يحتمل فلعل مراده وقفتها على ملكي لتكون مصروفة في حاجتي أو على قضاء ديوني فإن قال لإنسان بعينه وقفتها لك أو حبستها لك أو قال هي لك وقف أو حبس فهو باطل أيضا إلا على قول أبي يوسف فإنه يقول يكون تمليكا منه يتم بالتسليم إليه بقوله لك .
وقوله وقف أو حبس باطل .
ووجه ظاهر الرواية أن قوله وقف أو حبس تفسير لقوله لك فيمنع ذلك تمليك الغير منه والكلام المبهم إذا اقترن به تفسير كان الحكم لذلك التفسير كقوله داري لك سكني تكون عارية فإن قال هي صدقة موقوفة على الفقراء والمساكين وأخرجها من يده إلى يد قيم يقوم بها وينفق عليها في مرمتها وإصلاح مجاريها ويزرعها ويرفع من غلتها ما يحتاج إليه لنوائبها ويقسم الباقي بعد ذلك في كل سنة على الفقراء والمساكين فهذه صدقة جائزة وليس له أن يرجع فيها لاستجماع شرائط الوقف على قول من يقول بلزوم الوقف من القسمة والتسليم وإخراج الأصل عن ملكه والتأبيد في جهة صرف الغلة ما بقيت الدنيا وإنما يبدأ من غلتها بمرمتها وإصلاح مجاريها لأنها لا تبقى منتفعا بها إلا بعد ذلك ومقصود الواقف أن تكون الصدقة جارية له إلى يوم القيامة كما قال عليه الصلاة والسلام كل عمل بن آدم ينقطع بموته إلا ثلاثة علم علمه الناس فهم يعملون به بعد موته وولد صالح يدعو له وصدقة جارية له إلى يوم القيامة وفي بعض الروايات قال إلا سبعا وذكر من جملة ذلك نهرا أكراه وخانا بناه ومصحفا سبله وإنما يرفع من غلتها ما يحتاج إليه لنوائبها لأنه لا يتمكن من الزراعة إلا بذلك ولأن الغلة لا تطيب من الأراضي الخراجية إلا بأداء الخراج وإنما قصد الواقف أن يكون التصدق عنه بأطيب المال وذلك عند أداء النوائب فلهذا يرفع الوالي من غلتها ما يحتاج إليه لنوائبها ويقسم الباقي بعد ذلك في كل سنة وليس هذا بتوقيت لازم ولكن يقسم عند حصول الغلة ومن الأراضي ما يغل في السنة مرتين ومنها ما يغل في السنة مرة فكما حصلت الغلة ينبغي له أن يقسم ما يحصل من النوائب في الفقراء والمساكين ولا يؤخر لما في التأخير من الآفات وفي