إلى الماء من بعد أداء الجزاء فإن البدل إنما يظهر حكمه عند فوات الأصل فأما مع القدرة على الأصل فلا معتبر بالبدل وما ولدت في يده بعد أداء الجزاء فليس عليه في ذلك الولد جزاء لأنه لو ماتت هي في يده بعد أداء الجزاء لم يلزمه شيء آخر فعرفنا أنه ليس في عينها حق مستحق بعد أداء الجزاء ليسرى إلى الولد بخلاف ما قبل أداء الجزاء .
( فإن قيل ) فأين ذهب قولكم أنه لا معتبر بالبدل حال قيام الأصل وأنه مطالب بإعادتها إلى الماء من بعد أداء الجزاء .
( قلنا ) نعم لا معتبر بالبدل حال قيام البدل ولكن لا يجمع الأصل والبدل فيبقى بعد أداء الجزاء الحق مترددا بين الإرسال الذي هو الأصل وبين المؤدي من الجزاء ولهذا لو باعه بعد بيعه يظهر ذلك عند فوات الأصل وباعتبار جانب المؤدي من الجزاء لا يظهر في الولد الحادث بعد ذلك استحقاق شيء فلهذا لا يلزمه الجزاء فيه ولأنه يتملك ذلك الصيد بما أدى من الجزاء ولهذا لو باعه نفذ بيعه فالولد إنما يتولد بعد ذلك من ملكه فلهذا لا يلزمه الجزاء فيه .
وكذلك لو كان محرما صاد ظبية ثم حل من إحرامه وهي في يده فحالها وحال أولادها كما بينا في الفصل الأول من الفرق بين ما قبل أداء الجزاء أو بعد أداء الجزاء فإن ما قررناه من المعنى يشتمل على الفصلين جميعا والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب .
$ كتاب الوقف $ قال الشيخ الإمام الزاهد الأجل شمس الأئمة وفخر الإسلام أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي رحمه الله تعالى إملاء اعلم بأن الوقف لغة الحبس والمنع وفيه لغتان أوقف يوقف إيقافا ووقف يقف وقفا قال الله تعالى ! < وقفوهم إنهم مسؤولون > ! 24 وفي الشريعة عبارة عن حبس المملوك عن التمليك من الغير .
وظن بعض أصحابنا رحمهم الله تعالى أنه غير جائز على قول أبي حنيفة وإليه يشير في ظاهر الرواية فنقول أما أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه فكان لا يجيز ذلك ومراده أن لا يجعله لازما فأما أصل الجواز ثابت عنده لأنه يجعل الواقف حابسا للعين على ملكه صارفا للمنفعة إلى الجهة التي سماها فيكون بمنزلة العارية والعارية جائزة غير لازمة ولهذا قال لو أوصى به بعد موته يكون لازما بمنزلة الوصية بالمنفعة بعد الموت وذكر الطحاوي رحمه الله تعالى أن عنده لو نفذه في مرضه فهو كالمضاف إلى ما بعد الموت لأن تصرف المريض مرض الموت في الحكم كالمضاف إلى ما بعد الموت حتى يعتبر من ثلثه وخصوصا فيما لا