التناول لأن الحل باعتبار فعل الذكاة وفعل المحرم أو الذي في الحرم محظور فلا يكون ذكاة شرعا فأما المدفوع إليه حلال فعله في حق نفسه ذكاة ولكن باعتبار أنه مفوت للإرسال ومقرر للجزاء على الآخذ يلحقه نوع خطر وذلك ليس لمعنى في نفس الفعل فلا يثبت به الحرمة مطلقا وإنما تثبت الكراهة .
( قال ) ( وإن أرسله المحرم فذبحه حلال فلا بأس به ) لأن المحرم أتى بما هو المستحق عليه فيخرج به من عهدة أخذه وذبح الحلال إياه كذبح صيد آخر في الحكم .
( قال ) ( ولو أن حلالا أخرج صيدا من الحرم إلى الحل فأرسله فصاده حلال فذبحه فلا بأس بأكله ) لأنه صيد الحل فإنه بالإرسال قد خرج من يد الذي أخرجه من الحرم فهو والذي خرج بنفسه من الحرم سواء في حل التناول ولكن على الذي أخرجه الجزاء لأن المستحق عليه شرعا أعادته إلى مأمنه فإنه بالإخراج من الحرم أزال الأمن عنه فإذا تلف قبل العود إلى مأمنه تقرر الجزاء عليه لانعدام ما ينسخ فعله بخلاف الأول فإن على المحرم رفع اليد عنه بالإرسال فينفسخ حكم فعله بمجرد إرساله ووزان هذا من ذاك ما لو عاد الصيد إلى الحرم بعد ما أرسله ثم أصابه ما أصابه وكذلك لو كان الذي أخرجه من الحرم هو الذي صاده بعد ما أرسله فذبحه لم يكن بأكله بأس لأنه حلال ذبح صيدا في الحل فهو وغيره في الحالين سواء قال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى هو وغيره سواء في ذلك إلا أن عليه الجزاء وأبو حنيفة رحمه الله تعالى في هذا لا يخالفهما والمعنى فيه أن الحل باعتبار الفعل الثاني ووجوب الجزاء عليه باعتبار فعله الأول وهو إخراجه من الحرم ولم يبق ذلك الإخراج بعد ما أرسله فلهذا لا تثبت الحرمة ولكن بقاء الفعل غير معتبر في بقاء ما وجب به من الجزاء بخلاف ما إذا ذبحه في الحل قبل أن يرسله ودفعه إلى غيره فذبحه لأن تلك اليد باقية حقيقة وحكما وإنما تمكن من الذبح باعتبارها فلهذا كره أكلها .
( قال ) ( محرم أصاب صيدا فأدخله منزله في الحل فجاء بعض أهله فذبحه فلا بأس بأكله ) وأضاف الجواب إلى أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى لأنه لم يحفظ جواب أبي حنيفة رحمه الله تعالى لأن جوابه يخالف جوابهما وهذا لأن الذابح حلال وقد ذبحه في الحل ولو أرسله المحرم في غير منزله فذبحه حلال حل تناوله فكذلك إذا أرسله في منزله إلا أن على المحرم الجزاء لأنه ما نسخ حكم فعله بإرساله إياه من منزله فإن معنى الصيدية من حيث التنفير والاستيحاش لمن بعد إليه كما كان قبل أخذه فلهذا كان عليه الجزاء بخلاف ما لو أرسل جارحا من منزله .
قال ولا يعجبنا هذا الفعل لأن فعل بعض أهله في الذبح كفعله من وجه فإنه ينفق