حكما .
وكذلك إذا نزلوا المدينة وحاصروا أهلها في الحصن فلا قرار لهم ما داموا محاربين فكأن نية الإقامة في غير موضع الإقامة مقاس نية السفر في غير موضعها وكذلك إن حاربوا أهل البغي في دار الإسلام وحاصروهم .
وقال زفر رحمه الله تعالى في الفصلين جميعا إن كانت الشوكة والغلبة للعدو لم تصح نيتهم الإقامة وإن كانت الشوكة لهم صحت نيتهم الإقامة لأنهم يتمكنون من الفرار باعتبار الظاهر .
وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى إن كانوا في الأخبية والفساطيط خارج البلدة لم تصح نيتهم الإقامة وإن كانوا في البيوت والأبنية صحت نيتهم الإقامة لأن الأبنية موضع الإقامة دون الصحراء .
وعلى هذا اختلف المتأخرون في الذين يسكنون الأخبية في دار الإسلام كالأعراب والأتراك .
فمنهم من يقول لا يكونون مقيمين أبدا لأنهم ليسوا في موضع الإقامة .
والأصح أنهم مقيمون لأن الإقامة للمرء أصل والسفر عارض وهم لا ينوون السفر قط إنما ينتقلون من ماء إلى ماء ومن مرعى إلى مرعى فكانوا مقيمين باعتبار الأصل .
قال ( وإذا مر الإمام بمدينة وهو مسافر فصلى بهم الجمعة أجزأه وأجزأهم ) وقال زفر رحمه الله تعالى لا يجوز لأنه لا جمعة على المسافر قال أربعة لا جمعة عليهم المسافر والمريض والعبد والمرأة فكان هذا في معنى اقتداء المفترض بالمتنفل .
ولكنا نقول قد أقام رسول الله الجمعة بمكة وهو كان مسافرا بها ثم صلاة الجمعة من غيره في هذا الموضع إنما تجوز بأمره فلأن تجوز منه أولى وإنما لا يجب الحضور على المسافر لدفع الحرج فإذا حضر وأدى كان مفترضا كالمريض وكذلك الأمير يطوف في بلاد عمله وهو مسافر فهو والإمام سواء في هذا .
قال ( ويصلى المسافر التطوع على دابته بإيماء حيثما توجهت به ) لحديث بن عمر رضى الله تعالى عنهما أن النبي كان يصلى على دابته تطوعا حيثما توجهت به وتلا قوله تعالى ! < فأينما تولوا فثم وجه الله > ! 115 وعن جابر رضى الله تعالى عنه قال رأيت رسول الله في غزوة إنما يتطوع على دابته بالإيماء ووجهه إلى المشرق إلا أن في حديث بن عمر رضى الله تعالى عنه أنه كان ينزل للوتر والمكتوبة وفي حديث جابر رضى الله تعالى عنه ذكر أنه كان يوتر على دابته وينزل للمكتوبة ولو لم يكن له في التطوع على الدابة من المنفعة إلا حفظ اللسان وحفظ النفس عن الوساوس والخواطر الفاسدة لكان ذلك كافيا .
قال ( وإن كان على سرجه قذر فكذلك تجوز صلاته ) وكان محمد بن مقاتل وأبو حفص النجاري رحمهما الله تعالى يقولان لا تجوز إذا كانت النجاسة في