الحلق حتى أبان رأسه فلا يشك في إباحة أكله ويكره هذا الصنيع لأنه زيادة إيلام غير محتاج إليه وإن بدأ من قبل القفا فإن قطع الحلقوم والأوداج قبل أن تموت الشاة حلت فإن ماتت قبل أن تقطع الحلقوم والأوداج لم تؤكل لأن فعل الذكاة بقطع الحلقوم والأوداج عند القدرة وإن ماتت بفعل ليس بذكاة شرعا وذلك موجب للحرمة بخلاف ما إذا مات قبل قطع الحلقوم والأوداج .
( وعن ) سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال الذكاة ما بين اللبة واللحيين وبه نأخذ وقد روى هذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم والمراد بيان محل الذكاة عند الاختيار وفيه دليل على أن أعلى الحلق وأوسطه وأسفله سواء في ذلك لأن الكل في المعنى المطلوب بالذكاة سواء ( وعن ) إبراهيم رحمه الله تعالى قال إذا ذبحت فلا تذكر مع اسم الله تعالى شيئا غيره وهكذا نقل عن بن مسعود رضي الله عنه قال جردوا التسمية عند الذبح والأصل فيه قوله تعالى ! < فلا تدعوا مع الله أحدا > ! 18 وإن أهل الجاهلية كانوا يذكرون آلهتهم عند الذبح فحرم ذلك الشرع بقوله ! < وما أهل به لغير الله > ! 173 وأمر بتسمية الله تعالى عند الذبح على الخلوص لمخالفة المشركين فلا ينبغي أن يذكر مع اسم الله تعالى غيره وإذا أراد أن يدعو فيقول اللهم تقبل من فلان ينبغي أن يقدم ذلك على فعل الذبح أو يؤخره عنه فأما مع الحر لا يذكر غير اسم الله تعالى وهو تأويل الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ضحى عن أمته قال هذا عمن شهد لي بالبلاغ إلى يوم القيامة إنما قال بعد الذبح لا معه ( وعن ) رافع بن خديج رضي الله عنه أن بعيرا من إبل الصدقة قد ند فرماه رجل بسهم وسمى فقتله فقال صلى الله عليه وسلم إن لها أوابد كأوابد الوحش فإذا فعلت شيئا من ذلك فافعلوا به كما فعلتم بهذا ثم كلوه وبه نأخذ فنقول عند تعذر الحل بذكاة الاختيار يثبت الحل بذكاة الاضطرار وذلك بالجرح في أي موضع أصابه ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم إن لها أوابد كأوابد الوحش أي أن لها تنفرا واستيحاشا كما يكون الوحش إلا أن الأغلب من حالها الألف والوحشي أغلب حاله التوحش فإذا صار ألوفا التحق بما هو ألوف غالبا وإذا توحش التحق بالوحشي غالبا والمراد بإبل الصدقة ما يؤخذ بالصدقة أو ما كان ينحر لإطعام المساكين وقد كان ذلك معروفا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده .
( وعن ) عتابة بن رافع بن خديج رضي الله عنه أن بعيرا تردى في نهر بالمدينة فوجئ من قبل خاصرته فأخذ منه بن عمر رضي الله عنهما عسيرا بدرهمين وفي هذا دليل أن الحل يثبت بذكاة الاضطرار عند تعذر الذكاة بالاختيار وأنه لا