له أن يأخذ أيهما شاء ) لأن هذا دين لزم أحدهما في حال قيام الشركة فصار الآخر مطالبا بحكم الكفالة فافتراقهما لا يبطل حق صاحب الدين عن مطالبة كل واحد منهما كسائر الديون .
( قال ) ( ولو استحق العبد بعد الفرقة وقد كان نقد الثمن قبلها كان له أن يأخذ بالثمن أيهما شاء ) لأن البيع في المستحق كان موقوفا فيبطل من الأصل بإبطال المستحق وتبين أن رد الثمن كان واجبا عليهما قبل افتراقهما وكان للمشتري أن يطالب بالثمن أيهما شاء فأما بالرد بالعيب بعد الفرقة لا يتبين بطلان البيع من الأصل ولكنه كان صحيحا إلى وقت الرد وإنما وجب الثمن على البائع حين رد عليه المبيع وإذا كان الرد بعد الفرقة فليس للمشتري أن يطالب به الآخر .
( قال ) ( رجل سلم ثوبا إلى خياط ليخيطه بنفسه وللخياط شريك في الخياطة مفاوضة فلصاحب الثوب أن يطالب بالعمل أيهما شاء ما بقيت المفاوضة بينهما ) لأن كل واحد منهما بمنزلة صاحبه فيما لزمه ما بقيت الشركة بينهما .
( فإن قيل ) عمل الخياطة مستحق على من باشر السبب والآخر بمنزلة صاحبه الكفيل عنه فإذا شرط على الخياط أن يخيط بنفسه لم يجز كفالة الغير عنه فلا تطالب الكفيل به .
( قلنا ) ما بقيت المفاوضة بينهما فهما كشخص واحد وكل واحد منهما قائم مقام صاحبه فيما تقتضيه المفاوضة لأن المساواة التي هي ركن المفاوضة لا تتحقق إلا به فلا تظهر معنى الكفالة قبل الفرقة وإنما تظهر بعد الفرقة فلا جرم إذا تفرقا أو مات الذي قبض الثوب لم يؤاخذ الآخر بالعمل لأن الموجب للاتحاد هو الشركة وقد انقطعت وإنما بقي معنى الكفالة فكان الشرط على الخياط فلا يطالب الأحسن بحكم الكفالة .
وإذا مات الذي قبل بطل هذا التقبل لفوات المعقود عليه وهذا نظير ما لو دفع ثوبا إلى الخياط ليخيط بنفسه وأخذ منه كفيلا بالخياطة لم يجز ذلك وإن لم يكن شرط عليه أن يخيط بنفسه جازت الكفالة لأن الكفالة بمضمون بما تجري النيابة في إيفائه صحيح وبما لا تجري النيابة في إيفائه باطل وإذا شرط على الخياط العمل بنفسه هذا لا تجري النيابة في إيفائه وإذا لم يشترط ذلك عليه فهذا تجري النيابة في إيفائه فتصح الكفالة وبعد صحتها إذا مات الخياط بريء الكفيل لأن الإجازة قد انقطعت بموت الخياط وبراءة الأصيل توجب براءة الكفيل وكذلك هذا في كراء الإبل إذا مات الجمال بريء الكفيل لأن الإجازة قد انقطعت بموته .
( قال ) ( وإذا كان بين رجلين كر حنطة وكر شعير ولم يأمر أحدهما صاحبه ببيعه فاستعار أحدهما دابة ليحمل عليها حنطة فحمل عليها الآخر الشعير