بالمحاجة له والدليل فيتحقق المساواة بينهما في المال والتصرف وإنما كرهه أبو يوسف رحمه الله لأن في المفاوضة الوكالة ويكره للمسلم توكيل الذمي بالتصرف له .
( قال ) ( ولا تجوز المفاوضة بين الحر والعبد ولا بين العبدين ولا بين الحر والمكاتب ولا بين المكاتبين ولا بين الصبيين وإن أذن لهما أبوهما ) لأن مبنى المفاوضة على الكفالة فإن كل واحد من المتفاوضين يكون كفيلا عن صاحبه والعبد والمكاتب والصبي ليسوا من أهل الكفالة فلهذا لا يجوز المفاوضة بينهما لأن كل واحد منهما غير مالك للتصرف بنفسه فإن العبد يحجر عليه مولاه والصبي يحجر عليه وليه والمكاتب يعجز فيرد في الرق والمقصود من المفاوضة التصرف والاسترباح فإذا لم يكن كل واحد منهما مالكا للتصرف بنفسه لا تجوز المفاوضة بينهما ثم تكون الشركة بينهما عنانا في هذه المواضع لأنهما أهل الشركة وإنما فسدت المفاوضة خاصة فيبقى العنان وقد بينا أن العنان قد يكون عاما وقد يكون خاصا .
( قال ) ( وإن تفاوض الذميان جاز ذلك وإن كان أحدهما نصرانيا والآخر مجوسيا ) لأن المساواة بينهما في الملك والتصرف تتحقق وكل واحد منهما من أهل الوكالة والكفالة فصحت المفاوضة بينهما .
( قال ) ( وإن شارك المسلم المرتد شركة عنان أو مفاوضة فهو موقوف عند أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه ) إن قتل على ردته أو لحق بدار الحرب بطل وإن أسلم جاز لأن من أصله أن التصرفات تتوقف بالردة على أن ينفذ بالإسلام أو تبطل إذا قتل أو لحق بدار الحرب والشركة من جملة تصرفاته .
فأما على قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله شركة العنان منه صحيحة لأن من أصلهما أن تصرف المرتد بعد ردته قبل لحاقه بدار الحرب نافذ فإن قتل أو لحق بدار الحرب انقطعت الشركة لأن في القتل موتا ولحوقه بدار الحرب كموته والموت مبطل للشركة .
وأما المفاوضة فعلى ما قال أبو حنيفة رحمه الله لا يرد به توقف أصل الشركة عندهما بل المراد توقف صحة المفاوضة فأما أصل الشركة صحيح عندهما وإنما توقف صفة المفاوضة عند محمد رحمه الله لأن المرتد عنده في التصرفات كالمريض وكفالة المريض مرض الموت معتبرة من ثلثه فلا يكون المرتد من أهل الكفالة المطلقة إلا أن يسلم فلهذا توقف صفة المفاوضة على إسلامه وعلى أصل أبي يوسف الكفالة وإن كانت تصح من المرتد لأنه بمنزلة الصحيح في التصرف إلا أن نفسه توقف بين أن تسلم له بالإسلام أو يتلف عليه إذا أصر على الردة فيكون في معنى المكاتب من هذا الوجه والمكاتب ليس من أهل المفاوضة فلهذا توقف المفاوضة منه .
( قال ) ( وإن شارك