فلأن يكون له أن يستأجر من يتصرف ببعض ما يحصل من عمله من غير أن يكون ذلك مضمونا في الذمة أولى لأن هذا أنفع لهما .
( وروى ) الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى أنه ليس له أن يدفع المال مضاربة لأنه إيجاب الشركة للمضارب في الربح فيكون بمنزلة عقد الشركة وليس لأحد الشريكين أن يشارك مع غيره بمال الشركة فكذلك لا يدفعه مضاربة وما ذكره في الكتاب أصح .
ووجه الفرق بين الشركة والمضاربة أن ما يستفاد بعقد فهو من توابع ذلك العقد وإنما يتبع الشيء ما هو دونه لا ما هو مثله أو فوقه والمضاربة دون الشركة .
ألا ترى أنه ليس على المضارب شيء من الوضيعة وأن المضاربة لو فسدت لم يكن للمضارب شيء من الربح فيمكن جعل المضاربة مستفاد بعقد الشركة لأنه دونه فأما الاشتراك مع الغير مثل الأول فلا يمكن أن يجعل من توابعه مستفادا به فهو نظير ما يقول أن للمضارب أن يوكل لأن الوكالة دون المضاربة وليس له أن يدفع المال مضاربة لأن الثاني مثل الأول فلا يكون مستفادا به ولهذا لم يكن للوكيل أن يوكل بمطلق التوكيل لأن الثاني مثل الأول ولكن هذا كله في حق الغير فأما في حق نفسه فيجوز أن يوجب لغيره مثل ماله ولهذا كان للمكاتب أن يكاتب وللمأذون أن يأذن لعبده لأنه متصرف لنفسه بفك الحجر عنه والله سبحانه وتعالى أعلم .
$ باب شركة المفاوضة $ ( روي ) عن أبي سيرين رحمه الله تعالى قال لا تجوز شركة بعروض ولا بمال غائب .
وفي هذا دليل على أنه لا بد من إحضار رأس المال ولكن إن وجد الإحضار عند الشراء بها فهو والإحضار عند العقد سواء حتى إذا دفع إلى رجل ألف درهم على أن يشتري بها وبألف من ماله وعقدا عقد الشركة بينهما بهذه الصفة فأحضر الرجل المال عند الشراء جازت الشركة لأن المقصود هو التصرف لا نفس الشركة فإذا وجد إحضار المال عند المقصود كان ذلك بمنزلة الإحضار عند العقد .
( وعن ) الشعبي رحمه الله قال الربح على ما اصطلحا عليه والوضيعة على المال فكذلك في الشركة وهو مروي وعن علي رضي الله تعالى عنه وبه نأخذ .
وتعتبر الشركة بالمضاربة فكما أن الربح في المضاربة على الشرط والوضيعة على المال فكذلك في الشركة ( وعن ) علي رضي الله تعالى عنه قال ليس على من قاسم الربح ضمان