إضافة عقد الشركة إليهما فيتوقف ثبوتها على ما يقويها وهو الخلط لأن بالخلط تثبت شركة الملك لا محالة فيتأكد به شركة العقد لا محالة وأبو يوسف رحمه الله يقول ما يصلح أن يكون رأس مال في الشركة لا يختلف الحكم فيه بالخلط وعدم الخلط كالنقود فكذلك ما لا يصلح أن يكون رأس مال في الشركة لا يختلف الحكم فيه بالخلط وعدم الخلط وهذا لأن قبل الخلط إنما يجوز شركة العقد بها لأنها متعينة فتعين رأس المال لا بد منه في عقد الشركة وأعيانها مبيعة وأول التصرف بها يكون بيعا وهذا المعنى موجود بعد الخلط بل يزداد تقررا بالخلط لأن الخلط لا يتقرر إلا في معين والمخلوط المشترك لا يكون إلا معينا فتقرر المعنى المفسد لا يكون مصححا للعقد .
والذي يقال لمحمد أن تحصيل رأس المال عند القسمة هنا ممكن لأنها من ذوات الأمثال يشكل بما قبل الخلط فإن هذا المعنى موجود فيه ومع ذلك لا يثبت بينهما شركة العقد وكذلك يشكل بما إذا كان رأس مال أحدهما حنطة ورأس مال الآخر شعيرا فالشركة لا تصح هنا بينهما خلطاه أو لم يخلطاه .
ورأس مال كل واحد منهما من ذوات الأمثال يمكن تحصيله عند قسمة الربح ولكن محمد رحمه الله يفرق ويقول عقد الشركة إنما يثبت بعد الخلط باعتبار المخلوط فعند اختلاف الجنس المخلوط ليس من ذوات الأمثال .
ألا ترى أن من أتلف هذا المخلوط كان عليه قيمته وإن لم يكن من ذوات الأمثال كان بمنزلة العروض وأما إذا كان الجنس واحدا فالمخلوط من ذوات الأمثال حتى أن من أتلفه يضمن مثله فيمكن تحصيل رأس مال كل واحد منهما وقت القسمة باعتبار المثل .
( ثم ) عند اختلاف الجنس إذا باعا المخلوط فالثمن بينهما على قدر قيمة متاع كل واحد منهما يوم خلطاه مخلوطا لأن الثمن بدل المبيع فيقسم على قيمة ملك كل واحد منهما وملك كل واحد منهما كان معلوم القيمة وقت الخلط فتعتبر تلك القيمة ولكن مخلوطا لأنه دخل في البيع بهذه الصفة واستحقاق الثمن بالبيع فتعتبر صفة ملك كل واحد منهما حين دخل في البيع فإن كان أحدهما يزيده الخلط خيرا فإنه يضرب بقيمته يوم يقتسمون غير مخلوط ومعنى هذا أن قيمة الشعير تزداد إذا خلطاه بالحنطة وقيمة الحنطة تنتقص فصاحب الشعير يضرب بقيمة شعيره غير مخلوط لأن تلك الزيادة ظهرت في ملكه من مال صاحبه فلا يستحق الضرب به معه وصاحب الحنطة يضرب بقيمة حنطته مخلوطة بالشعير لأن النقصان حصل بعمل هو راض به وهو الخلط وقيمة ملكه عند البيع ناقص فلا يضرب إلا بذلك القدر .
وقد طعن عيسى في الفصلين