هذه الشركة أن يتساويا في رأس المال والربح أو يتفاوتا فسميت عنانا .
( وأما المفاوضة ) فقد قيل اشتقاقها من التفويض فإن كل واحد منهما يفوض التصرف إلى صاحبه في جميع مال التجارة .
( وقيل ) اشتقاقها من معنى الانتشار يقال فاض الماء إذا انتشر واستفاض الخير يستفيض إذا شاع فلما كان هذه العقد مبنيا على الانتشار والظهور في جميع التصرفات سمي مفاوضة .
( وقيل ) اشتقاقها من المساواة قال القائل لا تصلح الناس فوضى لا سراة لهم ولا سراة إذا جهالهم سادوا يعني متساوين فلما كان هذا العقد مبنيا على المساواة المال والربح سمي مفاوضة .
( وأما شركة الوجوه ) تسمى شركة المفاليس وهو أن يشترك الرجلان بغير رأس مال على أن يشتريا بالنسيئة ويبيعا سميت بهذا الاسم على معنى أن رأس مالهما وجههما فإنه إنما يباع في النسيئة ممن له في الناس وجه .
وشركة التقبل أن يشترك صانعان في تقبل الأعمال كالخياطة والقصارة ونحو ذلك وتسمى شركة الأبدان لأنهما يعملان بأبدانهما وشركة الصنائع لأن رأس مالهما صنعتهما .
( وأما شركة العنان ) فهو أن يشترك الرجلان برأس مال يحضره كل واحد منهما ولا بد من ذلك إما عند العقد أو عند الشراء حتى أن الشركة لا تجوز برأس مال غائب أو دين .
ولا يشترط لجواز هذه الشركة خلط المالين عندنا .
وقال الشافعي رحمه الله تعالى يشترط وهي رواية عن زفر .
والأصل عنده أن شركة الملك أصل ثم شركة العقد تنبني عليه قال لأن الشركة عبارة عن الاختلاط وذلك إنما يتحقق في الملك والمعتبر في كل عقد ما هو قضية اسم ذلك العقد كالحوالة والكفالة والصرف .
فإذا خلطا المالين على وجه لا يمكن تمييز أحدهما عن الآخر فقد ثبتت الشركة في الملك فينبني عليه شركة العقد فأما قبل الخلط فالشركة في الملك لم تثبت حتى إذا هلك رأس مال أحدهما كان هالكا عليه خاصة فلا تثبت شركة العقد لأن معنى الاختلاط فيه لا يتحقق مقصودا .
وعندنا موجب شركة العقد الوكالة على معنى أن كل واحد منهما يكون وكيل صاحبه في الشراء بالمال الذي عينه ولهذا شرطنا تعيين المال عند العقد أو عند الشراء لأن الوكالة بالشراء بماله لا تصح إلا به فإنه بدون تعيين المال يكون الوكيل مشتريا بما في ذمته وهذا التوكيل صحيح بدون خلط المالين ومعنى الاختلاط الذي تقتضيه الشركة في المشتري بالمال والربح لا في رأس المال وذلك ثابت بدون خلط وعلى هذا الأصل لو كان رأس مال أحدهما دراهم والآخر دنانير تنعقد الشركة بينهما