يصير مستهلكها بالاختلاط بمائها ولأن الولد في حكم جزء من عينها وهي بجميع أجزائها مملوكة للمغصوب منه فأما الزرع ليس بجزء من الأرض .
ألا ترى أنه من جنس البذر وأنه حاصل بعمل الزارع كما قررناه في الغصب ثم الزارع ضامن لما نقص الأرض عندنا .
وعلى قول بن أبي ليلى رحمه الله لا ضمان عليه لأن العقار لا يكون مضمونا بالغصب والنقصان لم يحصل بفعله ولأن النقصان في الأرض من حيث تقليل المنفعة والريع والمنفعة لا تكون مضمونة على الغاصب .
ولكنا نقول قد انتقص مالية العين بفعله وهو الزراعة فكان متلفا بقدر النقصان والعقار يضمن بالاتلاف كما لو هدم الأبنية أو قلع الأشجار .
ثم يرفع من الزرع مقدار بذره وما أنفق فيه وما غرم من نقصان الأرض ويتصدق بالفضل في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله لأنه حصل له بكسب خبيث .
وفي قول أبي يوسف وبن أبي ليلى رحمهما الله لا يتصدق بشيء لأنه حصل له بزراعته وهو سبب مشروع للاكتساب وقد بينا هذا في الغصب .
وإذا استأجر أرضا سنة فزرعها سنتين فعليه الأجر للسنة الأولى لأنه استوفى المعقود عليه بحكم عقد صحيح وعليه نقصان الأرض بالزراعة في السنة الثانية لأنه غاصب فيما صنع ويتصدق بالفضل عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله كما في الفصل الأول .
وعند بن أبي ليلى عليه أجر مثلها في السنة الثانية لاعتبار الظاهر فكأنه زرعها في السنة الثانية بناء على العقد في السنة الأولى وإنما لم يتعرض له صاحبها لهذا والعقد ينعقد بالدلالة كما ينعقد بالتصريح فيلزمه أجر مثلها .
( ثم ) ختم الكتاب بمسألة ذكرها في كتاب الزكاة أن من وجد كنزا في دار رجل ففيه الخمس وأربعة أخماسه لصاحب الخلطة في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله .
وفي قول أبي يوسف وبن أبي ليلى رحمهما الله للواحد .
وإنما ذكر أبو يوسف رحمه الله هذه المسألة المختلفة بين أبي حنيفة وبن أبي ليلى رحمهما الله في آخر هذا الكتاب وآخر الوديعة لأن كل واحد منهما كان أستاذه فإنه كان في الابتداء يختلف إلى بن أبي ليلى تسع سنين ثم تحول منه إلى أبي حنيفة واختلف عنده أيضا تسع سنين فأحب أن يذكر بعض الفصول عن أستاذيه جميعا فلهذا ذكر هذه الفصول والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب .
وإليه المرجع والمآب .
وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا بسم الله الرحمن الرحيم .
$ كتاب الشركة