والدنانير والفلوس قرض ) لأن الإعارة إذن في الانتفاع ولا يتأتى الانتفاع بالنقود إلا باستهلاك عينها فيصير مأذونا في ذلك .
وفيه طريقان إما الهبة أو القرض فيثبت الأقل لكونه متيقنا به ولأن المستعير يلتزم رد العين بعد الانتفاع ويتعذر هنا رد العين فيقام رد المثل مقام رد العين والقبض الذي يمكنه من استهلاك المقبوض ويوجب عليه ضمان المثل القبض بجهة القرض .
وكذلك كل ما يكال أو يوزن أو يعد مثل الجوز والبيض .
قال في الأصل أرأيت لو استعار دراهم يشتري بها طعاما أو جارية أما كان له أن يأكل الطعام أو يطأ الجارية له ذلك والمال قرض عليه .
وإن استعار آنية يتجمل بها في منزله أو سكينا محلى أو سيفا أو منطقة مفضضة أو خاتما لم يكن شيء من هذا قرضا لأن الانتفاع بهذه الأعيان مع بقائها ممكن ولهذا تجوز إجارتها .
( قالوا ) ولو أن صيرفيا استعار دراهم أو دنانير ليتجمل بها في حانوته أو ليعبر بها صنجاته فإنه لا يكون قرضا لأنهما لما صرحا به علمنا أن مقصودهما الانتفاع مع بقاء العين دون الإذن في استهلاك العين .
وإذا استعار دابة ليركبها إلى مكان معلوم فأخذ بها في طريق آخر إلى ذلك المكان فعطبت لم يضمن لأنه مأذون في الوصول عليها إلى ذلك المكان ولم يقيد له طريق فلا يكون مخالفا في أي طريق ذهب بعد أن يكون طريقا يسلكه الناس إلى ذلك المكان فإن كان طريقا لا يسلكه الناس إلى ذلك المكان فهو ضامن لأن مطلق الإذن ينصرف إلى المتعارف .
وإن استعارها إلى حمام أعبر فجاوز بها حمام أعبر ثم جاء بها إلى حمام أعين أو إلى الكوفة فعطبت الدابة فهو ضامن لها حتى يردها إلى صاحبها .
( قيل ) هذا إذا استعارها ذاهبا لا راجعا .
فأما إذا استعارها ذاهبا وجائيا فلا ضمان عليه وهكذا ذكر في النوادر لأنه في الأول لما وصل إلى حمام أعين انتهى العقد فإذا جاوز كان غاصبا فلا يبرأ إلا بالرد على المالك وفي الثاني إنما يضمن بالخلاف وهو استعمالها وراء المكان المشروط فإذا رجع إلى حمام أعين فقد ارتفع الخلاف والعقد قائم بينهما فيكون أمينا .
( وقيل ) الجواب في الفصلين سواء لأن يد المستعير يد نفسه .
وفي الوديعة إذا خالف ثم عاد إلى الوفاق إنما أبرأناه عن الضمان لأن يده يد المالك فيجعل في الحكم كما لو رده على المالك وهذا لا يوجد هنا فبقى ضامنا كما كان وإن عاد إلى مكان العقد ما لم يوصله إلى المالك .
والإجارة في هذا كالعارية لأن يد المستأجر يد نفسه أيضا فإنه يقبض لمنفعة نفسه ورجوعه بضمان الاستحقاق لأجل الغرور الثابت بعقد ضمان لا لأن يده يد المالك .
يوضح الفرق أن