ترك الزرع إلى وقت الإدراك بأجر المثل ( فإن ) رد المستعير الدابة مع غلامه فعقرها الغلام فهو ضامن لقيمتها يباع في ذلك أو يؤدي عنه مولاه لأنه استهلكها والعبد المحجور عليه يؤاخذ بضمان الاستهلاك في الحال .
( وإذا اختلف رب الدابة والمستعير فيما أعارها له وقد عقرها الركوب أو الحمولة فالقول قول رب الدابة عندنا ) وعند بن أبي ليلى رحمه الله القول قول المستعير لأن رب الدابة يدعي عليه سبب الضمان وهو الخلاف وهو منكر لذلك فالقول قوله .
ولكنا نقول الإذن يستفاد من جهة صاحب الدابة ولو أنكر أصل الإذن كان القول قوله فكذلك إذا أنكر الإذن على الوجه الذي انتفع به المستعير وهذا لأن سبب وجوب الضمان قد ظهر وهو استعمال دابة الغير والمستعمل يدعي ما يسقط الضمان عنه وهو الإذن وصاحبها منكر لذلك فإذا حلف فقد انتفى المسقط ويبقى هو ضامنا بالسبب الظاهر .
وإن إعاره الأرض على أن يبني فيها أو يسكن ما بدا له فإذا خرج فالبناء لصاحب الأرض فهذا الشرط فاسد لأن البناء ملك الباني شرط رب الأرض ذلك عليه لنفسه بإزاء منفعة الأرض فيكون هذا إجارة لا إعارة وهي إجارة فاسدة لجهالة المعقود عليه حين لم يذكر مدة معلومة وبجهالة الأجر حين لم يكن مقدار ما يبني معلوما لهما وقت العقد وعلى الساكن أجر مثل الأرض فيما سكن لأنه استوفى منفعتها بحكم عقد فاسد .
( وينقض الساكن بناءه إذا طالبه صاحبها برد الأرض ) لأن البناء ملكه .
( فإن قيل ) لماذا لا يتملك البناء صاحب الأرض بحكم الإجارة الفاسدة لأنه صار قابضا له باتصاله بالأرض .
( قلنا ) كان الشرط بينهما أن يبني الساكن لنفسه ثم البناء كان معدوما عند العقد والعقد على المعدوم لا ينعقد أصلا وإنما يملك بالقبض ما يتناوله العقد الفاسد وإذا مات المعير والمستعير انقطعت العارية .
أما إذا مات المعير فلأن العين انتقلت إلى وارثه والمنفعة بعد هذا تحدث على ملكه وإنما جعل المعير للمستعير ملك نفسه لا ملك غيره .
وأما إذا مات المستعير فلأن المنفعة لا تورث لأن الوراثة خلافة وذلك فيما كان للميت فيخلفه فيه وارثه وإذا كانت المنافع لا تبقى وقتين لا يتصور فيها هذه الخلافة ولأن الدلالة قامت لنا على أن العقد على المنفعة بعوض يبطل بموت أحد المتعاقدين وهو الإجارة فما كان منها بغير عوض أولى .
وكذلك إن كان قال له هذه الدار لك سكنى لأن معناه سكناه لك فإن قوله لك يحتمل تمليك العين ويحتمل تمليك المنفعة وقوله سكنى يكون تفسيرا لذلك المحتمل وكذلك إذا قال عمري سكني كان قوله سكني تفسيرا لقوله عمري فإنما تثبت العارية