المورث قائم مقامه بعد موته .
فإن كان على الميت دين وله وصي فينبغي للمستودع أن يدفع الوديعة إلى الوصي لأنه قائم مقام الوصي بعد موته فأما الوارث فإنما يخلف المورث بشرط فراغ التركة عن حق الغرماء لأن حق الغرماء مقدم على حق الوارث فلهذا كان له أن يدفعها إلى الوصي ليبيعها فيقضي الدين ثم يدفع ما بقي إلى الوارث .
( وإن ) كانت الوديعة عبدا أو دابة أو ثوبا واحدا عند رجلين فإنهما يتهايآن على حفظه فيمسكه كل واحد منهما شهرا لأن اجتماعهما على الحفظ آناء الليل والنهار لا يتصور ولأنهما يحفظان ما لا يحتمل القسمة من ملكهما بهذه الصفة فكذلك من الوديعة لأنهما يحفظان الوديعة على الوجه الذي يحفظان مالهما .
( وإن ) وضعه أحدهما عند صاحبه فهلك لم يضمنا شيئا اعتبارا بما لو هلك في يد أحدهما في زمان المهايأة وقد بينا هذا .
( وإذا ) قال رب الوديعة أودعتك عبدا وأمة وقال المستودع ما أودعتني إلا الأمة وقد هلكت فأقام رب الوديعة البينة على ما ادعى ضمن المستودع قيمة العبد لأنه جحد الوديعة في العبد فصار ضامنا قيمته ولا ضمان عليه في الأمة لأنه مقر بالوديعة فيها وقد زعم أنها هلكت فالقول قوله مع يمينه .
( رجلان ادعى كل واحد منهما أمة في يد رجل أنه أودعها إياه وقال المستودع ما أدري لأيكما هي غير أني أعلم أنها لأحدكما ) .
( قال ) ( يحلف لكل واحد منهما ) لأن كل واحد منهما يدعي عليه أنه أودعه الأمة بعينها وهو منكر لذلك إنما أقر بإيداع أحدهما بغير عينه منه والمنكر غير المعين فلهذا يحلف لكل واحد منهما وتمام بيان المسألة في كتاب الإقرار وإنما أورد المسألة هنا لبيان خلاف بن أبي ليلى في فصل وهو أنه إذا أبى أن يحلف لهما فإنه يدفع الأمة إليهما ويغرم قيمتها بينهما نصفين .
وعند بن أبي ليلى يردها عليهما ولا شيء عليه سوى ذلك وهو بناء على ما بينا أن التجهيل غير موجب للضمان على المودع وعندنا التجهيل موجب للضمان عليه وقد صار مجهلا في حق كل واحد منهما فيصير ضامنا ثم بنكوله صار مقرى لكل واحد منهما أنه أخذ جميعها منه وإنما رد على كل واحد منهما نصفها فيصير ضامنا لكل واحد منهما ما بقي من حقه وذلك بأن يغرم قيمتها بينهما .
ألا ترى أنه لو قال هذا استودعنيها ثم قال أخطأت بل هو هذا كان عليه أن يدفعها إلى الأول لأن إقراره له بها صحيح ورجوعه بعد ذلك باطل ويضمن للآخر قيمتها لإقراره أنها للثاني وأنه صار مستهلكا على الثاني بإقراره بها للأول فيكون ضامنا له قيمتها وهذا إذا دفعها إلى الأول بغير قضاء