والاستثناء تصرف من المستثنى على نفسه في حقه فلا يعتبر لصحته حال المخاطب به أو ثبوت ولاية له عليه بل باستثنائه يخرج ما وراء الحفظ من هذا التسليط فإذا استهلكه الصبي كان مستهلكا بغير إذنه ولكن أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله يقولان التسليط بالفعل وهو نقل اليد إليه مطلقا وقوله احفظ كلام فلا يتحقق استثناؤه من الفعل المطلق بل يكون معارضا لذلك الفعل الذي هو تسليط ولا يكون معارضا إلا بعد صحته حكما لكون المخاطب من أهل الالتزام بالعقد وذلك في حق البالغ دون الصبي فيبقى التسليط مطلقا في حق الصبي .
والدليل عليه أن الصبي لوضيع الوديعة لم يضمن بأن رأى إنسانا يأخذها أو دله على أخذها والبائع يضمن بمثله فعرفنا أن العارض صحيح في حق البالغ دون الصبي .
وعلى هذا لو أودع عبدا محجورا عليه مالا فاستهلكه لم يضمن عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله حتى يعتق لأن العارض صحيح في حقه دون المولى فإنه التزام بالعقد .
وعلى قول أبي يوسف يباع فيه في الحال لأن المودع يتصرف على نفسه في الاستثناء فيبقى الاستهلاك بغير إذنه فإن كان العبد صبيا لم يضمن عندهما في الحال ولا بعد البلوغ والعتق لأن العارض لم يصح في حقه ولا في حق المولى وإن كان الصبي أو العبد مأذونا كان ضامنا في الحال لأن العارض قد صح في حقهما وفي حق المولى فالمأذون من أهل الالتزام بالعقد ولهذا يؤاخذان بضمان التضييع .
وعلى هذا الخلاف لو أقرض صبيا محجورا عليه أو عبدا محجورا عليه مالا فاستهلكه لأن التسليم إليه تسليط وقوله أقرضتك معارض لقوله احفظ في الوديعة على ما بينا وكذلك لو باع من صبي محجور عليه أو عبد محجور عليه ( شيئا فاستهلكه فهو على هذا الخلاف لأن التسليم إليهما تسليط وقوله بعت معارض فلا يعمل هذا المعارض في حق الصبي أصلا ولا في حق العبد حتى يعتق فهذا هو الحرف الذي يخرج عليه هذه المسائل .
( وإن هلكت الوديعة عند الصبي والعبد فلا ضمان عليهما ) لانعدام صنيع موجب للضمان منهما .
وفي قتل العبد والأمة يجب عليهما ما يجب قبل الإيداع فعلى عاقلة الصبي قيمة المقتول في ثلاث سنين عمدا قتله أو خطأ لأن عمد الصبي وخطأه سواء وعلى المملوك القصاص إن قتله عمدا وإن قتله خطأ يخاطب المولى بالدفع أو الفداء في العبد وعليه القيمة في المدبر وأم الولد يعني الأقل من قيمة المقتول وقيمة القاتل وعلى المكاتب أن يسعى في الأقل من قيمته ومن قيمة المقتول .
ولو أودع رجلا شيئا فاستهلكه بن له صغير أو عبد فعلى المستهلك ضمانه في الحال