إما لبقاء ملك المودع كما في الباقي بعد الخلط في إحدى الروايتين أو لبقاء حقه على ما قلنا والربح الحاصل بكسب خبيث سبيله التصدق به ولأن المودع عند البيع يخبر المشتري أنه يبيع ملكه وحقه وهو كاذب في ذلك والكذب في التجارة يوجب الصدقة بدليل حديث قيس بن عروة الكناني قال كنا نتبايع في الأسواق بالأوساق ونسمي أنفسنا السماسرة فدخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمانا بأحسن الأسماء وقال يا معشر التجار إن تجارتكم هذه يحضرها اللغو والكذب فشوبوها بالصدقة .
فعملنا بالحديث في إيجاب التصدق بالفضل .
وهذا إذا كانت الوديعة شيئا يباع فإن كانت دراهم فالدراهم يشتري بها ثم ينظر إن اشترى بها بعينها ونقدها لا يطيب له الفصل أيضا وإن اشترى بها ونقد غيرها أو اشترى بدراهم مطلقة ثم نقدها يطيب له الربح هنا لأن الدراهم لا تتعين بنفس العقد ما لم ينضم إليه التسليم ولهذا لو أراد أن يسلم غيرها كان له ذلك فأما بالقبض يتعين نوع تعين ولهذا لا يملك استرداد المقبوض من البائع ليعطيه مثلها فلهذا قلنا إذا استعان في العقد والنقد جميعا بالدراهم الوديعة أو المغصوبة لا يطيب له الفضل وكذلك إن اشترى بها مأكولا ونقدها لم يحل له أن يأكل ذلك قبل أداء الضمان ولو اشترى بدراهم مطلقة ثم نقد تلك الدراهم حل له أن ينتفع بها .
وفي النوادر لو اشترى دينارا بعشرة دراهم ونقد الدراهم المغصوبة لم يحل له أن ينتفع بالدينار ما لم يؤد الضمان لأن صاحب الدراهم إذا استحق دراهمه فسد العقد ووجب عليه رد الدينار فكانت كالمقبوض بحكم عقد فاسد بخلاف ما لو نقدها في ثمن الطعام لأنه بالاستحقاق هناك لا يبطل الشراء بل يبقى الثمن دينا في ذمته كما كان .
وعلى هذا قالوا لو غصب ثوبا واشترى به جارية لم يحل له أن يطأها لأنه لو استحق الثوب لزمه رد الجارية .
ولو تزوج بالثوب المغصوب امرأة حل له أن يطأها لأن المغصوب منه إذا استحق الثوب لا يبطل النكاح ولا التسمية .
( فإن كان أخذ بعض الوديعة لينفقه في حاجته ثم بداله فرده إلى موضعه ثم ضاعت الوديعة فلا ضمان عليه ) لأن رفعه حفظ فلا يكون موجبا للضمان عليه .
بقي مجرد نية الإنفاق في حاجته وبمجرد النية لا يصير ضامنا كما لو نوى أن يغصب مال إنسان وهذا لقوله صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسهم ما لم يعملوا أو يتكلموا والعراقيون يقولون كاد ولما أي كاد يعصي فعصم والمعصوم لا يعاقب بعقوبة من عصى ولئن صار ضامنا بالرفع فقد عاد إلى الوفاق برد العين إلى مكانه وذلك يبرئه عن الضمان عندنا على ما نبينه بخلاف