وجه الاستحسان هو أن المسجد مكان الصلاة فبقاؤه فيه كبقائه في مكان الصلاة .
والدليل على أنه في حكم مكان واحد صحة الاقتداء بالإمام لمن هو في المسجد وإن كان بينهما فرجة صرف الوجه عن القبلة غير مفسد للصلاة كما في حق الملتفت في الصلاة وإن كان قد خرج من المسجد استقبل الصلاة في الصلاتية خاصة لما بينا أنها ركن والخروج من مكان الصلاة يمنعه من البناء .
وإن كان في الصحراء فإن تذكر قبل أن يجاوز أصحابه عاد في الصلاة لأن بحكم اتصال الصفوف صار ذلك الموضع كالمسجد بدليل صحة الاقتداء .
ولم يذكر في الكتاب إذا كان يمشى أمامه قيل وقته بقدر الصفوف خلفه اعتبارا لأحد الجانبين بالآخر .
والأصح أنه إذا جاوز موضع سجوده فذلك في حكم خروجه من المسجد يمنعه من البناء بعد ذلك .
قال ( رجل صلى الظهر خمس ركعات ولم يقعد في الرابعة قال صلاته فاسدة ) وقال الشافعي رضى الله تعالى عنه لا تفسد لما روى أن النبي صلى الظهر خمسا ولم ينقل أنه كان قعد في الرابعة ولا أنه أعاد صلاته وهو بناء على الأصل الذي بينا أن الركعة الكاملة في احتمال النقص وما دونها سواء فكما أنه لو تذكر قبل أن يقيد الخامسة بالسجدة تمكن من إصلاح صلاته بالعود إلى القعود فكذلك بعد ما قيدها بالسجدة .
( ولنا ) أنه اشتغل بالنفل قبل إكمال الفريضة ولأن القعدة من أركان الصلاة والركعة الخامسة نفل لا محالة لأن الظهر لا يكون أكثر من أربع ركعات ومن ضرورة استحكام شروعه في النفل خروجه عن الفرض والخروج من الفرض قبل إكماله مفسد للفرض بخلاف ما قبل تقيد الركعة بالسجدة لأن ما دون الركعة ليس لها حكم الصلاة حتى أن من حلف أن لا يصلي لم يحنث بما دون الركعة فلم يستحكم شروعه في النفل بما دون الركعة .
والحديث تأويله أنه كان قعد قدر التشهد في الرابعة بدليل أنه قال صلى الظهر والظهر اسم لجميع أركان الصلاة ومنها القعدة وهو الظاهر فإنما قام إلى الخامسة على تقدير أنها هي القعدة الأولى حملا لفعل رسول الله على ما هو أقرب إلى الصواب .
قال ( وأحب إلي أن يشفع الخامسة بركعة ثم يسلم ثم يستقبل الظهر ) وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى .
فأما عند محمد رحمه الله تعالى فبالفساد يصير خارجا من الصلاة لأن للصلاة عنده جهة واحدة ولأن ترك القعدة في التطوع في كل شفع عنده مفسد للصلاة .
فأما عندهما تفسد الفريضة ويبقى أصل الصلاة تطوعا فيشفعها بركعة واحدة لأن