في الآدمي لأن اجتماع الروحين في شخص لا يتحقق وقد يتصور تسلطهم على الآدمي من غير أن يدخلوا فيه .
ومنهم من قال هم أجسام لطيفة فلا يتصور أن يحملوا جسما كثيفا من موضع إلى موضع ولكنا نقول نأخذ بما وردت به الآثار قال النبي صلى الله عليه وسلم إن الشيطان يجري من بن آدم مجرى الدم وقال صلى الله عليه وسلم إنه يدخل في رأس الإنسان فيكون على قافية رأسه حديث فيه طول وهذا الحديث دليل لنا أيضا فنتبع الآثار ولا نشتغل بكيفية ذلك .
وكأن عمر رضي الله عنه إنما رجع عن قوله في امرأة المفقود لما تبين من حال هذا الرجل .
وأما تخييره إياه بين أن يردها عليه وبين المهر فهو بناء على مذهب عمر رضي الله عنه في المرأة إذا نعي إليها زوجها فاعتدت وتزوجت ثم أتى الزوج الأول حيا أنه يخير بين أن ترد عليه وبين المهر وقد صح رجوعه عنه إلى قول علي رضي الله عنه فإنه كان يقول ترد إلى زوجها الأول ويفرق بينها وبين الآخر ولها المهر بما استحل من فرجها ولا يقربها الأول حتى تنقضي عدتها من الآخر وبهذا كان يأخذ إبراهيم رحمه الله فيقول قول علي رضي الله عنه أحب إلي من قول عمر رضي الله عنه وبه نأخذ أيضا لأنه تبين أنها تزوجت وهي منكوحة ومنكوحة الغير ليست من المحللات بل هي من المحرمات في حق سائر الناس كما قال الله تعالى ! < والمحصنات من > ! النساء 24 فكيف يستقيم تركها مع الثاني .
وإذا اختار الأول المهر ولكن يكون النكاح منعقدا بينهما فكيف يستقيم دفع المهر إلى الأول وهو بدل بضعها فيكون مملوكا لها دون زوجها كالمنكوحة إذا وطئت بشبهة فعرفنا أن الصحيح أنها زوجة الأول ولكن لا يقربها لكونها معتدة لغيره كالمنكوحة إذا وطئت بالشبهة .
وذكر عن عبد الرحمن بن أبي ليلى رحمه الله أن عمر رضي الله عنه رجع عن ثلاث قضيات إلى قول علي رضي الله عنه عن امرأة أبي كنف والمفقود زوجها والمرأة التي تزوجت في عدتها أما حكم المفقود والمعتدة فقد بينا .
وأما حديث أبي كنف فهو ما رواه إبراهيم أن أبا كنف طلق امرأته فأعلمها وراجعها قبل انقضاء العدة ولم يعلمها فجاء وقد تزوجت فأتى عمر رضي الله عنه فقص عليه القصة فقال له إن وجدتها لم يدخل بها فأنت أحق بها وإن كان قد دخل بها فليس لك عليها سبيل فقدم وقد وضعت القصة على رأسها فقال لهم إن لي إليها حاجة فخلوا بيني وبينها فوقع عليها وبات عندها ثم غدا إلى الأمير بكتاب عمر رضي الله عنه فعرفوا أنه جاء بأمر بين وهذا كان مذهب عمر رضي الله عنه في