ثم الثاني بالأخذ فوت عليه يدا محقة فيؤمر بإعادتها بالرد عليه وهذا لأن الأول أخذ ما هو مندوب إلى أخذه والثاني أخذ ما هو ممنوع من أخذه لحق الأول فلا تكون يده معارضة ليد الأول ولا ناسخة لها وإذا كبر اللقيط فادعاه رجل فذلك إلى اللقيط لأنه في يد نفسه وله قول معتبر إذا كان يعبر عن نفسه فيعتبر تصديقه لإثبات النسب منه وهذا لأن المدعى يقر له بالنسب من وجه ويدعى عليه وجوب النسبة إليه من وجه فلا يثبت حكم كلامه في حقه إلا بتصديقه دعوى كان أو إقرارا وإذا صدقه يثبت النسب منه إذا كان مثله يولد لمثله فأما إذا كان مثله لا يولد لمثله لا يثبت النسب منه لأن الحقيقة تكذبهما وجناية اللقيط على بيت المال لأن ولاءه لبيت المال فإن الولاء مطلوب لمعنى التناصر والتقوى به ومن ليس له مولى معين فتناصره بالمسلمين وإنما يتقوى بهم فإذا كان ولاؤه لهم كان موجب جنايته عليهم يؤدي من بيت المال لأنه ما لهم وميراثه لبيت المال دون الذي التقطه ورباه لأن استحقاق الميراث لشخص بعينه بالقرابة أو ما في معناه من زوجية أو ولاء وليس للمتلقط شيء من ذلك .
( فإن قيل ) هو بالالتقاط والتربية قد أحياه فينبغي أن يثبت له عليه الولاء كما يثبت للمعتق بالإعتاق الذي هو إحياء حكما .
( قلنا ) هذا ليس في معنى ذلك لأن الرقيق في صفة مالكية المال هالك والمعتق محدث فيه لهذا الوصف واللقيط كان حيا حقيقة ومن أهل الملك حكما فالملتقط لا يكون محييا له حقيقة ولا حكما فلا يثبت له عليه ولاء ما لم يعاقده عقد الولاء بالبلوغ وإذا ثبت أنه لا ميراث للملتقط منه كان ميراثه لبيت المال لأنه مسلم ليس له وارث معين فيرثه جماعة المسلمين يوضع ماله في بيت المال وإن والي رجلا بعد ما أدرك جاز كما لو والى الملتقط لأن ولاءه لبيت المال لم يتأكد بعد فله أن يوالى من شاء بخلاف ما إذا جنى جناية وعقله بيت المال فإن هناك قد تأكد ولاؤه للمسلمين حين عقلوا جنايته فلا يملك إبطال ذلك بعقد الموالاة مع أحد كالذي أسلم من أهل الحرب له أن يوالي من شاء إلا أن يجني جناية ويعقله بيت المال ولا يجوز للملتقط على اللقيط ذكرا كان أو أنثى عقد النكاح ولا بيع ولا شراء لأن نفوذ هذه التصرفات على الغير يعتمد الولاية كما قال صلى الله عليه وسلم لا نكاح إلا بولى ولا ولاية للملتقط على اللقيط وإنما له حق الحفظ والتربية لكونه منفعة محضة في حقه وبهذا السبب لا تثبت الولاية وإن ادعى أن اللقيط عبده لم يصدق بعد أن يعرف أنه لقيط لأنه محكوم بحريته باعتبار الظاهر فلا يبطل ذلك بمجرد قوله ولأن يده يد حفظ فلا